تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (17)

{ وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي : جمع له جنوده الكثيرة الهائلة المتنوعة من بني آدم ، ومن الجن والشياطين ومن الطيور فهم يوزعون يدبرون ويرد أولهم على آخرهم ، وينظمون غاية التنظيم في سيرهم ونزولهم وحلهم وترحالهم قد استعد لذلك وأعد له عدته .

وكل هذه الجنود مؤتمرة بأمره لا تقدر على عصيانه ولا تتمرد عنه ، قال تعالى : { هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ } أي : أعط بغير حساب ، فسار بهذه الجنود الضخمة في بعض أسفاره{[591]}

[ ص 603 ]


[591]:- في أ: في بعض في.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (17)

وقوله تعالى : { وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالإنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي : وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير يعني : ركب فيهم في أبهة وعظمة{[21993]} كبيرة في الإنس ، وكانوا هم الذين يلونه ، والجن وهم بعدهم [ يكونون ]{[21994]} في المنزلة ، والطير ومنزلتها فوق رأسه ، فإن كان حرًّا أظلته منه بأجنحتها .

وقوله : { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي : يكف أولهم على آخرهم ؛ لئلا يتقدم أحد عن منزلته التي هي مرتبة له .

قال مجاهد : جعل على كل صنف وزعة ، يردون أولاها على أخراها ، لئلا يتقدموا في المسير ، كما يفعل الملوك اليوم .


[21993]:- في ف : "عظيمة".
[21994]:- زيادة من ف.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (17)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَحُشِرَ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنّ وَالإِنْس وَالطّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وجمع لسليمان جنوده من الجنّ والإنس والطير في مسير لهم فهم يوزعون .

واختلف أهل التأويل في معنى قوله فَهُمْ يُوزَعُونَ فقال بعضهم : معنى ذلك : فهم يُحبس أوّلهم على آخرهم حتى يجتمعوا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عطاء الخراساني ، عن ابن عباس ، قال : جعل على كل صنف من يردّ أولاها على أُخراها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا أبو سفيان عن معمر ، عن قَتادة ، في قوله : وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنودُهُ مِنَ الجنّ والإِنْس والطّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ قال : يردّ أوّلهم على آخرهم .

وقال آخرون : معنى ذلك فهم يساقون . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الجِنّ والإنْسِ والطّيْرَ فَهُمْ يُوزَعُونَ قال : يوزعون : يُساقون .

وقال آخرون : بل معناه : فهم يتقدمون . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان عن معمر ، قال : قال الحسن : يُوزَعُونَ يتقدمون .

قال أبو جعفر : وأولى هذه الأقوال بالصواب قول من قال : معناه : يردّ أوّلهم على آخرهم وذلك أن الوازع في كلام العرب هو الكافّ ، يقال منه : وزع فلان فلانا عن الظلم : إذا كفّه عنه ، كما قال الشاعر :

ألَمْ يَزَعِ الهَوَى إذْ لَمْ يُؤَاتِ *** بَلى وَسَلَوْتُ عَنْ طَلَب الفَتاةِ

وقال آخر :

عَلى حِينَ عاتَبْتُ المَشيبَ عَلى الصّبا *** وقُلْتُ ألَمّا أصْحُ والشّيْبُ وَازعُ

وإنما قيل للذين يدفعون الناس عن الولاة والأمراء وزعة : لكفهم إياهم عنه .