فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (17)

{ وَحُشِرَ لسليمان جُنُودُهُ مِنَ الجن والإنس والطير } الحشر : الجمع أي جمع له جنوده من هذه الأجناس . وقد أطال المفسرون في ذكر مقدار جنده ، وبالغ كثير منهم مبالغة تستبعدها العقول ، ولا تصحّ من جهة النقل ، ولو صحت لكان في القدرة الربانية ما هو أعظم من ذلك وأكثر { فَهُمْ يُوزَعُونَ } أي لكلّ طائفة منهم وزعة تردّ ، أولهم على آخرهم فيقفون على مراتبهم ، يقال وزعه يزعه وزعاً : كفه ، والوازع في الحرب الموكل بالصفوف يزع من تقدّم منهم : أي يردّه ، ومنه قول النابغة :

على حين عاتبت المشيب على الصبا *** وقلت ألما أصح والشيب وازع

وقول الآخر :

ومن لم يزعه لبه وحياؤه *** فليس له من شيب فوديه وازع

وقول الآخر :

ولا يزع النفس اللجوج عن الهوى *** من الناس إلاّ وافر العقل كامله

وقيل : من التوزيع بمعنى التفريق ، يقال : القوم أوزاع أي : طوائف .

/خ26