اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَحُشِرَ لِسُلَيۡمَٰنَ جُنُودُهُۥ مِنَ ٱلۡجِنِّ وَٱلۡإِنسِ وَٱلطَّيۡرِ فَهُمۡ يُوزَعُونَ} (17)

قوله : «وَحُشرَ لسُلَيْمَانَ » : وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في مسير له ، فقوله : «مِن الجَنّ » وما بعده بيان ل «جنوده » فيتعلق بمحذوف ، ويجوز أن يكون هذا الجار حالاً{[38467]} ، فيتعلق بمحذوف أيضاً .

قوله : «فهم يُوزَعُون » أي : يمنعون ويكفُّون ، والوزع : الكف والحبس ، يقال : وزعه يزعه فهو وازع وموزوع{[38468]} ، وقال عثمان - رضي الله عنه - : «مَا يَزَعُ السُّلْطَانُ{[38469]} أَكْثَرُ مِمَّا يَزَعُ القُرْآنُ »{[38470]} ، وعنه : «لاَ بُدَّ لِلقَاضِي مِنْ وَزَعَةٍ »{[38471]} وقال الشاعر :

3935 - وَمَنْ لَمْ يَزَعْهُ لُبُّهُ وحَيَاؤُهُ *** فَلَيْسَ لَهْ مِنْ شَيْبِ فَوْدَيْهِ وَازعُ{[38472]}

وقوله : { أوزعني أَنْ أَشْكُرَ } بمعنى ألهمني{[38473]} من هذا ، لأنَّ تحقيقه : اجعلني من حيث أزع نفسي عن الكفر فقوله : «فَهُمْ يُوزَعُونَ » معناه : يحبسون ، وهذا لا يكون إلا إذا كان في كل قبيل منها وازع متسلط على من يرده ويكفه{[38474]} . وقال قتادة : كان كل صنف من جنوده وزعة ترد أولها على آخرها لئلا يتقدمون في المسير{[38475]} ، والوازع : الحابس والنقيب{[38476]} ، وقال مقاتل يوزعون يساقون{[38477]} ، وقال السدي : يوقفون{[38478]} ، وقيل يجمعون{[38479]} .


[38467]:انظر التبيان 2/1006.
[38468]:انظر اللسان (وزع).
[38469]:في النسختين: الشيطان. والصواب ما أثبته.
[38470]:انظر القرطبي 13/168، البحر المحيط 6/51، وانظر مجمع الأمثال للميداني 4/52.
[38471]:أي: أعوان يكفونه عن التعدي والشر والفساد. وهذا القول ليس من كلام أمير المؤمنين عثمان بن عفان، وإنما هو من كلام الحسن البصري- رضي الله عنه- لما ولي القضاء. انظر غريب الحديث لأبي عبيد القاسم بن سلام 3/228، وتفسير ابن عطية 11/183، القرطبي 13/168، اللسان (وزع) البحر المحيط 7/51.
[38472]:البيت من بحر الطويل، ولم أهتد إلى قائله، وهو في البحر المحيط 7/51، والشاهد فيه قوله: (وازع) فإنه بمعنى الحابس والمانع.
[38473]:انظر معاني القرآن للفراء 2/289.
[38474]:انظر الفخر الرازي 24/187.
[38475]:انظر البغوي 6/266.
[38476]:انظر اللسان (وزع).
[38477]:انظر البغوي 6/266.
[38478]:المرجع السابق.
[38479]:المرجع السابق.