تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (35)

{ 35 ْ } { وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ْ }

أي : احتج المشركون على شركهم بمشيئة الله ، وأن الله لو شاء ما أشركوا ، ولا حرموا شيئا من [ الأنعام ] التي أحلها كالبحيرة والوصيلة والحام ونحوها من دونه ، وهذه حجة باطلة ، فإنها لو كانت حقا ما عاقب الله الذين من قبلهم حيث أشركوا به ، فعاقبهم أشد العقاب . فلو كان يحب ذلك منهم لما عذبهم ، وليس قصدهم بذلك إلا رد الحق الذي جاءت به الرسل ، وإلا فعندهم علم أنه لا حجة لهم على الله .

فإن الله أمرهم ونهاهم ومكنهم من{[459]}  القيام بما كلفهم وجعل لهم قوة ومشيئة تصدر عنها أفعالهم . فاحتجاجهم بالقضاء والقدر من أبطل الباطل ، هذا وكل أحد يعلم بالحس قدرة الإنسان على كل فعل يريده من غير أن ينازعه منازع ، فجمعوا بين تكذيب الله وتكذيب رسله وتكذيب الأمور العقلية والحسية ، { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ْ } أي : البين الظاهر الذي يصل إلى القلوب ، ولا يبقى لأحد على الله حجة ، فإذا بلغتهم الرسل أمر ربهم ونهيه ، واحتجوا عليهم بالقدر ، فليس للرسل من الأمر شيء ، وإنما حسابهم على الله عز وجل .


[459]:- كذا في ب، وفي أ: على.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ} (35)

يخبر تعالى عن اغترار المشركين بما هم فيه من الشرك واعتذارهم محتجين بالقدر ، في قولهم : { لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ } أي : من البحائر والسوائب والوصائل وغير ذلك ، مما كانوا ابتدعوه واخترعوه من تلقاء{[16425]} أنفسهم ، ما لم ينزل الله به سلطانا .

ومضمون كلامهم : أنه لو كان تعالى كارهًا لما فعلنا ، لأنكره علينا بالعقوبة ولما مكنا{[16426]} منه . قال الله رادًا عليهم شبهتهم : { فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلا الْبَلاغُ الْمُبِينُ } أي : ليس الأمر كما تزعمون أنه لم يعيره عليكم{[16427]} ولم{[16428]} ينكره ، بل قد أنكره عليكم أشد الإنكار ، ونهاكم عنه آكد النهي ،


[16425]:في ف: "من قبل".
[16426]:في ت: "ولما مكننا"، وفي ف: "ولا مكننا".
[16427]:في ت، أ: "لم يعير".
[16428]:في أ: "ولا".