تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (28)

{ قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي : جعلناه قرآنا عربيا ، واضح الألفاظ ، سهل المعاني ، خصوصا على العرب . { غَيْرَ ذِي عِوَجٍ } أي : ليس فيه خلل ولا نقص بوجه من الوجوه ، لا في ألفاظه ولا في معانيه ، وهذا يستلزم كمال اعتداله واستقامته كما قال تعالى : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا قَيِّمًا }

{ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } الله تعالى ، حيث سهلنا عليهم طرق التقوى العلمية والعملية ، بهذا القرآن العربي المستقيم ، الذي ضرب اللّه فيه من كل مثل .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (28)

" قرآنا عربيا " نصب على الحال . قال الأخفش : لأن قوله جل وعز : " في هذا القرآن " معرفة . وقال علي بن سليمان : " عربيا " نصب على الحال و " قرآنا " توطئة للحال كما تقول مررت بزيد رجلا صالحا فقولك صالحا هو المنصوب على الحال . وقال الزجاج : " عربيا " منصوب على الحال و " قرآنا " توكيد . " غير ذي عوج " النحاس : أحسن ما قيل فيه قول الضحاك . قال : غير مختلف . وهو قول ابن عباس ، ذكره الثعلبي . وعن ابن عباس أيضا غير مخلوق ، ذكره المهدوي وقاله السدي فيما ذكره الثعلبي . وقال عثمان بن عفان : غير متضاد . وقال مجاهد : غير ذي لبس . وقال بكر بن عبد الله المزني : غير ذي لحن . وقيل : غير ذي شك . قاله السدي فيما ذكره الماوردي . قال :

وقد أتاكَ يقينٌ غيرُ ذي عوجٍ *** من الإله وقولٌ غيرُ مكذوبِ

" لعلهم يتقون " الكفر والكذب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُرۡءَانًا عَرَبِيًّا غَيۡرَ ذِي عِوَجٖ لَّعَلَّهُمۡ يَتَّقُونَ} (28)

لما كان ذلك غاية في الشرف ، دل على زيادة شرفه بحال مؤكدة دالة على شدة عنادهم ، وتسمى موطئه لأن الحال في الحقيقة ما بعدها بقوله : { قرآناً } أي حال كون ذلك المضروب جامعاً لكل ما يحتاج إليه ، ويجوز أن يكون النصب على المدح { عربياً } جارياً على قوانين لسانهم في جمعه باتساعه ووضوحه واحتمال اللفظ الواحد منه لمعان كثيرة ، فكيف إذا انضم إلى غيره فصار كلاماً . ولما كان الشيء قد يكون مستقيماً بالفعل وهو معوج بالقوة ، قال تعالى : { غير ذي عوج } أي ليس بمنسوب إلى شيء من العوج ولا من شأنه العوج ، فلا يصح أن يكون معوجاً أصلاً في شيء من نظمه ولا معناه باختلاف ولا غيره كما في آية الكهف سواء ، وفي الإتيان بعوج الذي هو مختص بالمعاني بيان أن الوصف له حقيقة ، فهو أبلغ من غير معوج ، لأنه يحتمل إرادة أهله على المجاز .

ولما كان التذكر بالتذكير لكونه أبلغ للوعظ حاملاً ، ولا بد للعاقل على الخوف المسبب للنجاة قال : { لعلهم يتقون * } أي ليكون حالهم بعد التذكير الناشىء عن التذكير حال من يرجى له أن يجعل بينه وبين غضب الله وقاية .