تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دَارِهِمۡ جَٰثِمِينَ} (78)

{ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } على ركبهم ، قد أبادهم اللّه ، وقطع دابرهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دَارِهِمۡ جَٰثِمِينَ} (78)

59

ولا يستأني السياق في إعلان الخاتمة ، ولا يفصل كذلك :

( فأخذتهم الرجفة ، فأصبحوا في دارهم جاثمين ) . .

والرجفة والجثوم ، جزاء مقابل للعتو والتبجح . فالرجفة يصاحبها الفزع ، والجثوم مشهد للعجز عن الحراك . وما أجدر العاتي أن يرتجف ، وما أجدر المعتدي أن يعجز . جزاء وفاقاً في المصير . وفي التعبير عن هذا المصير بالتصوير .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دَارِهِمۡ جَٰثِمِينَ} (78)

جملة { فأخذتهم الرجفة } معترضة بين جملة { فعقروا الناقة } وبين جملة { فتولى عنهم } [ الأعراف : 79 ] أريد باعتراضها التّعجيلُ بالخبر عن نفاذ الوعيد فيهم بعَقب عتوّهم ، فالتّعقيب عرفي ، أي لم يكن بين العقر وبين الرجفة زمن طويل ، كان بينهما ثلاثة أيّام ، كما ورد في آية سورة هود ( 65 ) : { فعقروها فقال تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام ذلك وعد غير مكذوب } وأصل الأخذ تناول شيءٍ باليد ، ويستعمل مجازاً في مِلك الشيء ، بعلاقة اللّزوم ، ويستعمل أيضاً في القهر كقوله : { فأخذهم الله بذنوبهم } [ الأنفال : 52 ] ، { فأخذهم أخذة رابية } [ الحاقة : 10 ] وأخذ الرّجفة : إهلاكُها إياهم وإحاطتها بهم إحاطة الآخِذ . ولا شكّ أنّ الله نجّى صالحاً عليه السّلام والذين آمنوا معه ، كما في آية سورة هود . وقد روي أنّه خرج في مائة وعشرة من المؤمنين ، فقيل : نزلوا رملة فلسطين ، وقيل : تباعدوا عن ديار قومهم بحيث يرونها ، فلمّا أخذتهم الرّجفة وهلكوا عاد صالح عليه السّلام ومن آمنَ معه فسكنوا ديارهم ، وقيل : سكنوا مكّة وأنّ صالحاً عليه السّلام دفن بها ، وهذا بعيد كما قلناه في عاد ، ومن أهل الأنساب من يقول : إنّ ثقيفاً من بقايا ثمود ، أي من ذرّية مَن نجا منهم من العذاب ، ولم يذكر القرآن أنّ ثموداً انقطع دابرهم فيجوز أن تكون منهم بقية .

والرّجفة : اضطراب الأرض وارتجاجها ، فتكون من حوادث سماوية كالرّياح العاصفة والصّواعق ، وتكون من أسباب أرضيّة كالزلازل ، فالرّجفة اسم للحالة الحاصلة ، وقد سمّاها في سورة هود بالصّيْحة فعلمنا أنّ الذي أصاب ثمود هو صاعقة أو صواعق متوالية رجفت أرضَهم وأهلكتهم صَعِقين ، ويحتمل أن تقارنها زلازل أرضية .

والدّار : المكان الذي يحتلّه القوم ، وهو يفرد ويجمع باعتبارين ، فلذلك قال في آية سورة هود : { فأصبحوا في ديارهم جاثمين } . { فأصبحوا } هنا بمعنى صاروا .

والجاثم : المُكِب على صدره في الأرض مع قبض ساقيه كما يجثو الأرْنب ، ولمّا كان ذلك أشدّ سكوناً وانقطاعاً عن اضطراب الأعضاء استعمل في الآية كناية عن همود الجثّة بالموت ، ويجوز أن يكون المراد تشبيه حالة وقوعهم على وجوههم حين صعِقوا بحالة الجاثم تفظيعاً لهيئة مِيتتهم ، والمعنى أنّهم أصبحوا جثثا هامدة ميّتة على أبشع منظر لِمَيِّت .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَأَخَذَتۡهُمُ ٱلرَّجۡفَةُ فَأَصۡبَحُواْ فِي دَارِهِمۡ جَٰثِمِينَ} (78)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فأخذت الذين عقروا الناقة من ثمود الرجفة، وهي الصيحة، والرجفة: الفَعْلة، من قول القائل: رجَف بفلان كذا يَرْجُف رَجْفا، وذلك إذا حرّكه وزعزعه، وإنما عنى بالرجفة ههنا: الصيحة التي زعزعتهم وحرّكتهم للهلاك، لأن ثمود هلكت بالصيحة فيما ذكر أهل العلم...

وقوله:" فَأصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جاثِمِينَ "يقول: فأصبح الذين أهلك الله من ثمود في دارهم، يعني في أرضهم التي هلكوا فيها وبلدتهم... وقوله:"جاثِمِينَ" يعني: سقوطا صرعى لا يتحرّكون لأنهم لا أرواح فيهم، قد هلكوا، والعرب تقول للبارك على الركبة: جاثم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{فأخذتهم الرجفة} قيل: الزلزلة. وقال في آية أخرى: {فأخذتهم الصاعقة} [الذاريات: 44] والقصة في ذلك كله واحدة. فجائز أن يكون ذلك [واحدا، وإن اختلفت الألفاظ]، وهو عبارة عن العذاب، وجائز أن تكون الصيحة: لما صيح بهم صعقوا جميعا، فماتوا، وهو واحد...

وقوله تعالى: {فأصبحوا في دارهم جاثمين} قيل: ميّتين ولازقين بالأرض؛ قد ماتوا وذهبوا. ويقال: جثم الطائر إذا لزق في الأرض؛ يقال: أجثمته أي ألزقته بالأرض.

الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي 427 هـ :

{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ} يعني الصيحة والزلزلة وأصلها الحركة مع الصوت.

{فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}: جامدين.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِم جَاثِمِينَ} قال محمد بن مروان السدي: كل ما في القرآن من {دَارِهِمْ} فالمراد به مدينتهم، وكل ما فيه من {دِيَارِهِم} فالمراد به مساكنهم.

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

" فأخذتهم الرجفة "وهي حركة القرار المزعجة لشدة الزعزعة تقول: رجف بهم السقف رجوفا إذا اضطرب من فوقهم.

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

قال الكرماني: حيث ذكر الرّجفة وهي الزلزلة وحدّ الدار وحيث ذكر الصيحة جمع لأن الصيحة كانت من السماء فبلوغها أكثر وأبلغ من الزلزلة فاتصل كل واحد منهما بما هو لائق به.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

...

ولا يستأني السياق في إعلان الخاتمة، ولا يفصل كذلك: (فأخذتهم الرجفة، فأصبحوا في دارهم جاثمين).. والرجفة والجثوم، جزاء مقابل للعتو والتبجح. فالرجفة يصاحبها الفزع، والجثوم مشهد للعجز عن الحراك. وما أجدر العاتي أن يرتجف، وما أجدر المعتدي أن يعجز. جزاء وفاقاً في المصير.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{فعقروها فقال تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام ذلك وعد غير مكذوب} وأصل الأخذ تناول شيءٍ باليد، ويستعمل مجازاً في مِلك الشيء، بعلاقة اللّزوم، ويستعمل أيضاً في القهر كقوله: {فأخذهم الله بذنوبهم} [الأنفال: 52]، {فأخذهم أخذة رابية} [الحاقة: 10] وأخذ الرّجفة: إهلاكُها إياهم وإحاطتها بهم إحاطة الآخِذ...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

" جاثمين"، وهو التعبير الدقيق الذي يدل على أن الواحد منهم إن كان واقفا ظل على وقوفه، وإن كان قاعدا ظل على قعوده، وإن كان نائما ظل على نومه. أو كما نقول: انسخطوا على هيئاتهم، فالجاثم هو من لزم مكانه فلم يبرح أو لصق بالأرض...