ثم قال له مخبرا أنه لا يريد أن يتعرض لقتله ، لا ابتداء ولا مدافعة فقال :
{ لَئِن بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ } وليس ذلك جبنا مني ولا عجزا . وإنما ذلك لأني { أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } والخائف لله لا يقدم{[262]} على الذنوب ، خصوصا الذنوب الكبار . وفي هذا تخويف لمن يريد القتل ، وأنه ينبغي لك أن تتقي الله وتخافه .
ثم يمضى الأخ المؤمن التقي الوديع المسالم يكسر من شرة الشر الهائج في نفس أخيه الشرير :
( لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ، إني أخاف الله رب العالمين )
وهكذا يرتسم نموذج من الوداعة والسلام والتقوى ؛ في أشد المواقف استجاشة للضمير الإنساني ؛ وحماسة للمعتدى عليه ضد المعتدي ؛ وإعجابا بهدوئه واطمئنانه أمام نذر الاعتداء ؛ وتقوى قلبه وخوفه من رب العالمين .
ولقد كان في هذا القول اللين ما يفثأ الحقد ؛ ويهدى ء الحسد ، ويسكن الشر ، ويمسح على الأعصاب المهتاجة ؛ ويرد صاحبها إلى حنان الأخوة ، وبشاشة الإيمان ، وحساسية التقوى .
واختلف الناس لم قال هابيل : { ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك } ؟ فقال مجاهد : كان الفرض عليهم حينئذ أن لا يسل أحد سيفاً وأن لا يمتنع من أريد قتله . . وقال عبد الله بن عمرو وجمهور الناس : كان هابيل أشد قوة من قابيل ، ولكنه تحرج .
قال القاضي أبو محمد رضي الله عنه : وهذا هو الأظهر ، ومن هنا يقوى أن قابيل إنما هو عاص لا كافر ، لأنه لو كان كافراً لم يكن للتحرج وجه ، وإنما وجه التحرج في هذا أن المتحرج يأبى أن يقاتل موحداً ويرضى بأن يظلم ليجازى في الآخرة ، ونحو هذا فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه .
قوله : { لئن بسطتّ إليّ يدك لتقتلني } الخ موعظة لأخيه ليذكّره خطر هذا الجرم الّذي أقدم عليه . وفيه إشعار بأنّه يستطيع دفاعه ولكنّه منعه منه خوفُ الله تعالى . والظاهر أنّ هذا اجتهاد من هابيل في استعظام جُرم قتل النّفس ، ولو كان القتل دفاعاً . وقد عَلم الأخوان ما هو القتل بما يعرفانه من ذبح الحيوان والصّيد ، فكان القتل معروفاً لهما ، ولهذا عزم عليه قابيل ، فرأى هابيل للنّفوس حرمة ولو كانت ظالمة ، ورأى في الاستسلام لطالب قتله إبقاء على حفظ النّفوس لإكمال مراد الله من تعمير الأرض . ويمكن أن يكونا تلقّيا من أبيهما الوصاية بحفظ النّفوس صغيرها وكبيرها ولو كان في وقت الدّفاع ، ولذلك قال : { إنّي أخاف الله ربّ العالمين } . فقوله : { إنّي أخاف الله } يدلّ على أنّ الدّفاع بما يفضي إلى القتل كان محرّماً وأنّ هذا شريعة منسوخة لأنّ الشّرائع تبيح للمُعتدَى عليه أن يدافع عن نفسه ولو بقتل المعْتدي ، ولكنّه لا يتجاوز الحدّ الّذي يحصل به الدّفاع .
وأمّا حديث « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار » فذلك في القتال على المُلْك وقصد التغالب الّذي ينكفّ فيه المعتدي بتسليم الآخر له ؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصْلَح الفريقين بالتّسليم للآخر وحمل التَبِعَة عليه تجنّباً للفتنة ، وهو الموقف الّذي وقفه عثمان رضي الله عنه رجاء الصلاح .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن المقتول من ابني آدم أنه قال لأخيه لما قال له أخوه القاتل لأقتلنك: والله "لَئِنْ بَسَطْتَ إليّ يَدَكَ": مددت إليّ يدك "لِتَقْتُلَنِي ما أنا بِباسِطٍ يَديَ إلَيك": ما أنا بمادّ يدي إليك لأقْتُلَكَ.
وقد اختلف في السبب الذي من أجله قال المقتول ذلك لأخيه ولم يمانعه ما فعل به؛
فقال بعضهم: قال ذلك إعلاما منه لأخيه القاتل أنه لا يستحلّ قتله ولا بسط يده إليه بما لم يأذن الله به.
وقال آخرون: لم يمنعه مما أراد من قتله، وقال ما قال له مما قصّ الله في كتابه إلاّ أن الله عزّ ذكره فرض عليهم أن لا يمتنع من أريد قتله ممن أراد ذلك منه. وأولى القولين في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله عزّ ذكره قد كان حرّم عليهم قتل نفس بغير نفس ظلما، وأن المقتول قال لأخيه: ما أنا بباسط يدي إليك إن بسطت إليّ يدك لأنه كان حراما عليه من قتل أخيه مثل الذي كان حراما على أخيه القاتل من قتله. فأما الامتناع من قتله حين أراد قتله، فلا دلالة على أن القاتل حين أراد قتله وعزم عليه كان المقتول عالما بما هو عليه عازم منه ومحاولٌ من قتله، فتَرَك دَفْعَه عن نفسه، بل قد ذكر جماعة من أهل العلم أنه قتله غيلة، اغتاله وهو نائم، فشدخ رأسه بصخرة. فإذا كان ذلك ممكنا، ولم يكن في الآية دلالة على أنه كان مأمورا بترك منع أخيه من قتله، لم يكن جائزا ادّعاء ما ليس في الآية إلا ببرهان يجب تسليمه.
"إنّي أخافُ اللّهَ رَبّ العالَمِينَ": فإني أخاف الله في بسط يدي إليك إن بسطتها لقتلك. "رَبّ العَالَمِينَ": مالك الخلائق كلها أن يعاقبني على بسط يدي إليك.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك} قال بعض الناس: إن الواجب علينا أن نفعل مثل فعل أولئك، لا ينبغي لمن أراد أحد قتله أن يقتله، ولكن يمتنع عن ذلك على ما امتنع أحد ابني آدم حين قال له: {ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك} واحتجوا في ذلك بأخبار رويت: روي عن أبي موسى الأشعري [أنه قال]: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا توجه المسلمان بسيفهما، فقتل أحدهما صاحبه، فهما في النار، فقيل: يا رسول الله: [هذا القاتل، فما بال] المقتول؟ فقال: إنه أراد أن يقتل صاحبه» [ابن ماجة: 3964]. وعن سعيد بن مالك رضي الله عنه [أنه] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن استطعت أن تكون عبد الله، ولا تقتل أحدا من أهل القبلة فافعل» [أحمد5/292]...
وقال آخرون: له أن يقاتل إذا لم يتعظ صاحبه بالله، وأراد قتله، فهو في سعة من قتل من يريد أن يبتديه بالقتل استدلالا بما أمر الله تعالى بقتال أهل البغي كقوله تعالى: {فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله} [الحجرات: 9] فصار الحكم في أمتنا ما أمرهم الله به من قتال البغاة لأن الله تعالى قال: {لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا} [المائدة: 48].
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
اختلف الناس لم قال هابيل: {ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك}؟... قال عبد الله بن عمرو وجمهور الناس: كان هابيل أشد قوة من قابيل، ولكنه تحرج.
وهذا هو الأظهر، ومن هنا يقوى أن قابيل إنما هو عاص لا كافر، لأنه لو كان كافراً لم يكن للتحرج وجه، وإنما وجه التحرج في هذا أن المتحرج يأبى أن يقاتل موحداً ويرضى بأن يُظلم ليُجازى في الآخرة، ونحو هذا فعل عثمان بن عفان رضي الله عنه.
السؤال الأول: وهو أنه لمَ لمْ يدفع القاتل عن نفسه مع أن الدفع عن النفس واجب؟ وهب أنه ليس بواجب فلا أقل من أنه ليس بحرام، فلم قال {إني أخاف الله رب العالمين}. والجواب من وجوه: الأول: يحتمل أن يقال: لاح للمقتول بأمارات تغلب على الظن أنه يريد قتله، فذكر له هذا الكلام على سبيل الوعظ والنصيحة، يعني أنا لا أجوز من نفسي أن أبدأك بالقتل الظلم العدوان، وإنما لا أفعله خوفا من الله تعالى، وإنما ذكر له هذا الكلام قبل إقدام القاتل على قتله وكان غرضه منه تقبيح القتل العمد في قلبه، ولهذا يروى أن قابيل صبر حتى نام هابيل فضرب رأسه بحجر كبير فقتله. والوجه الثاني في الجواب: أن المذكور في الآية قوله {ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك} يعني لا أبسط يدي إليك لغرض قتلك، وإنما أبسط يدي إليك لغرض الدفع. وقال أهل العلم: الدافع عن نفسه يجب عليه أن يدفع بالأيسر فالأيسر، وليس له أن يقصد القتل بل يجب عليه أن يقصد الدفع، ثم إن لم يندفع إلا بالقتل جاز له ذلك. الوجه الثالث: قال بعضهم: المقصود بالقتل إن أراد أن يستسلم جاز له ذلك، وهكذا فعل عثمان رضي الله تعالى عنه. وقال النبي عليه الصلاة والسلام لمحمد بن مسلمة: «ألق كمك على وجهك وكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل». الوجه الرابع: وجوب الدفع عن النفس أمر يجوز أن يختلف باختلاف الشرائع. وقال مجاهد: إن الدفع عن النفس ما كان مباحا في ذلك الوقت. السؤال الثاني: لم جاء الشرط بلفظ الفعل، والجزاء بلفظ اسم الفاعل، وهو قوله {لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط}. والجواب: ليفيد أنه لا يفعل ما يكتسب به هذا الوصف الشنيع، ولذلك أكده بالباء المؤكد للنفي.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
{لئن بسطت إليّ} أي خاصة {يدك لتقتلني} أي لتوجد ذلك بأيّ وجه كان، ثم بالغ في إعلامه بامتناعه من الممانعة فقال: {ما أنا} وأغرق في النفي فقال: {بباسط} أي أصلاً، وقدم المفعول به تعميماً، ثم خص المتعلق لمناسبة الحال فقال: {يدي إليك لأقتلك} أي في أيّ وقت من الأوقات، ولعله أتى بالجملة الاسمية المفيدة لنفي الثبات والدوام أدباً مع الله في عدم الحكم على المستقبل، ثم علله بقوله: {إني أخاف الله} أي أستحضر جميع ما أقدر على استحضاره من كماله، ثم وصفه بالإحسان إلى خلقه ليكون ذلك مانعاً له من الإساءة إلى أحد منهم فقال: {رب العالمين} أي الذي أنعم عليهم بنعمة الإيجاد ثم التربية، فأنا لا أريد أن أخرب ما بنى، وهذا كما فعل عثمان رضي الله عنه.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
ثم إنه بعد بيان هذه الحقيقة والتقرب إليه، بين له حقيقة أخرى وهي ما يجب للناس ولاسيما الإخوة بعضهم على بعض من احترام الدماء وحفظ الأنفس فقال: {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ} أي بين له حاله وما تقتضيه من عدم مقابلته على جنايته بمثلها، مؤكدا ذلك بالقسم وبجملة النفي الاسمية والمقرون خبرها بالباء، وهو أنه إن بسط يده ليقتله بها، لا يجزيه بالسيئة سيئة مثلها، وإن هذه الجناية لا تأتي منه ولا تتفق مع صفاته وشمائله، ذلك بأنه لم يعبر عن نفسه بصيغة الفعل المضارع المنفي كما عبر بالماضي المثبت عن عمل أخيه، -وهو المتبادر في مقابلة الشيء بضده- بل قال (ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك) أي لست بالذي يتصف بهذه الصفة المنكرة المنافية لتقوى الله تعالى، ولا شك أن نفي الصفة أبلغ من نفي الفعل، الذي هو عبارة عن الوعد بالترك، لأنه عبارة عن وعد مؤكد ببيان سببه. ثم أكده تأكيدا آخر ببيان علته وهو قوله {إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} أن يراني باسطا يدي إلى الإجرام وسفك الدم بغير حق، فإن ذلك يسخطه ويكون سبب عقابه، لأنه رب العالمين الذي يغذيهم بنعمه، ويربيهم بفضله وإحسانه، فالاعتداء على أرواحهم أعظم مفسدة لهذه التربية ومعارض لها في بلوغ غاية استعدادها، ومن يخاف الله لا يعتدي هذا الاعتداء. وهذا الجواب من الأخ التقي يتضمن أبلغ الموعظة وألطف الاستعطاف لأخيه العازم على الجناية، ولا يقال: إنه كان يجوز له الدفاع عن نفسه ولو بقتل الصائل عليه- حتى يحتاج إلى الجواب بأن شرع آدم لم يكن يبيح ذلك، فإن هذا من الرجم بالغيب، والدفاع قد يكون بما دون القتل، وليس في الكلام تصريح بعدم الدفاع البتة، وإنما فيه التصريح بعدم الإقدام على القتل، وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار. قيل: يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه رواه أحمد والشيخان وغيرهم. ولما كان مثل هذا التأمين والوعظ البليغ لا يؤثر في كل نفس، قفى عليه هذا الأخ البار بالتذكير بعذاب الآخرة، فقال {إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ}.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ثم يمضي الأخ المؤمن التقي الوديع المسالم يكسر من شرة الشر الهائج في نفس أخيه الشرير: (لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك، إني أخاف الله رب العالمين) وهكذا يرتسم نموذج من الوداعة والسلام والتقوى؛ في أشد المواقف استجاشة للضمير الإنساني؛ وحماسة للمعتدى عليه ضد المعتدي؛ وإعجابا بهدوئه واطمئنانه أمام نذر الاعتداء؛ وتقوى قلبه وخوفه من رب العالمين. ولقد كان في هذا القول اللين ما يفثأ الحقد؛ ويهدى ء الحسد، ويسكن الشر، ويمسح على الأعصاب المهتاجة؛ ويرد صاحبها إلى حنان الأخوة، وبشاشة الإيمان، وحساسية التقوى.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
... فقوله: {إنّي أخاف الله} يدلّ على أنّ الدّفاع بما يفضي إلى القتل كان محرّماً وأنّ هذا شريعة منسوخة لأنّ الشّرائع تبيح للمُعتدَى عليه أن يدافع عن نفسه ولو بقتل المعْتدي، ولكنّه لا يتجاوز الحدّ الّذي يحصل به الدّفاع.
وأمّا حديث « إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النّار» فذلك في القتال على المُلْك وقصد التغالب الّذي ينكفّ فيه المعتدي بتسليم الآخر له؛ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصْلَح الفريقين بالتّسليم للآخر وحمل التَبِعَة عليه تجنّباً للفتنة، وهو الموقف الّذي وقفه عثمان رضي الله عنه رجاء الصلاح.
تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :
{لَئِن بَسَطتَ إِلَىَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَني} من خلال عقدة الحسد في نفسك التي تدفعك إلى الجريمة بقتل أخيك من دون تفكير بالأخوة الّتي تفرض عليك احترام رابطة الدم الّتي تربطك به، أو بالنتائج السلبيّة في غضب الله الَّذي يزداد عليك عندما تتحول إلى إنسان مجرم قاتل لأخيه من دون ذنب، {مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} فيمنعني ذلك من نيّة الشرّ، لأنَّ الله يبغض الَّذين يفكرون بالشرّ للنّاس، ويحب الَّذين يفكرون بالخير ويعملون له في القريب والبعيد، ولهذا فإنَّ إساءتك إليَّ في كلامك وحسدك لي في نفسك، وإعلانك عن عزمك على قتلي، لا يبرر لي الإقدام على قتلك، فإنَّ الله لم يأذن لي بذلك، وهذا ما يؤدي بي إلى الامتناع عن كل ما يجلب لي سخطه ويعرّضني لعذابه، {إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وذلك جَزَآءُ الظَّالِمِينَ}، إنَّني لا أريد تحمّل الإثم بقتلك، فلن أقتلك، وإذا كنت أنت عازماً على قتلي فستتحمل الإثم في ذلك كما تتحمل مسؤوليّة آثامك الأخرى الّتي لا علاقة لها بموقفك مني، وبذلك تكون في أصحاب النَّار الّتي هي العقاب الإلهي للذين يظلمون النَّاس بغير الحقّ، بأي نوعٍ من أنواع البغي والعدوان.