محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{لَئِنۢ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقۡتُلَنِي مَآ أَنَا۠ بِبَاسِطٖ يَدِيَ إِلَيۡكَ لِأَقۡتُلَكَۖ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (28)

[ 28 ] { لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين ( 28 ) } .

{ لئن بسطت } أي : مددت { إلي يدك لتقتلني } أي : ظلما { ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك } أي : دفعا { إني أخاف الله رب العالمين } أي : من أن أصنع كما تريد أن تصنع .

/ وفي ( الصحيحين ) {[2958]} : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار . قالوا : يا رسول الله  ! هذا القاتل . فما بال المقتول ؟ قال : إنه إن كان حريصا على قتل صاحبه " .

وروى الإمام أحمد{[2959]} وأبو داود والترمذي في حديث سعد بن أبي وقاص قال : " قلت : يا رسول الله  ! أرأيت إن دخل بيتي وبسط يده ليقتلني ؟ قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كن كابن آدم- وتلا- : { لئن بسطت . . . } الآية .

/ قال المهايمي في تفسير هذه الآية : أي : إني- وإن لم أكن في الدفع ظالما- أخاف الله أن يكره مني هدم بنيانه الجامع ليظهر فيه من حيث كونه رب العالمين . انتهى .

وهو منزع صوفي لطيف .

وقال أبو السعود : فيه من إرشاد قابيل إلى خشية الله تعالى ، على أبلغ وجه وآكده ، ما لا يخفى . كأنه قال : إني أخافه تعالى إن بسطت يدي إليك لأقتلك ، أن يعاقبني . وإن كان ذلك مني لدفع عداوتك عني . فما ظنك بحالك وأنت البادئ العادي ؟ وفي وصفه تعالى بربوبية العالمين تأكيد للخوف . قيل : كان هابيل أقوى منه . ولكن تحرج عن قتله واستسلم خوفا من الله تعالى . لأن القتل للدفع لم يكن مباحا حينئذ . وقيل : تحريا لما هو الأفضل ، حسبما قال{[2960]} عليه الصلاة والسلام : " كن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل " . ويأباه التعليل بخوفه تعالى ، إلا أن يدعي أن ترك الأولى عنده بمنزلة المعصية في استتباع الغائلة ، مبالغة في التنزه . انتهى .


[2958]:- أخرجه البخاري في: 2- كتاب الإيمان، 22- باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، حديث 29 ونصه: عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل. قال: ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار" فقلت: يارسول الله ! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصا على قتل صاحبه". وأخرجه مسلم في: 52- كتاب الفتن وأشراط الساعة، حديث 14 و15 (طبعتنا).
[2959]:- أخرجه في المسند بالصفحة 185 من الجزء الأول (طبعة الحلبي) وحديث 1609 (طبعة المعارف) ونصه: عن بسر بن سعيد أن سعد بن أبي وقاص قال، عند فتنة عثمان بن عفان: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ستكون فتنة، القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير من الساعي". قال: أفرأيت إن دخل علي بيتي فبسط يده إلي ليقتلني؟ قال: "كن كابن آدم". وأخرجه أبو داود في: 34- كتاب الفتن والملاحم، في النهي عن السعي في الفتنة، حديث 4257. وأخرجه الترمذي في: 31- كتاب الفتن، 29- باب ما جاء تكون فتنة القاعد فيها خير من القائم.
[2960]:- لم أهتد إلى هذا الحديث.