وقوله تعالى : { لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك } قال بعض الناس : إن الواجب علينا أن نفعل مثل فعل أولئك ، لا ينبغي لمن أراد أحد قتله أن يقتله ، ولكن يمتنع عن ذلك على ما امتنع أحد ابني آدم حين قال له : { ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك } واحتجوا في ذلك بأخبار رويت : روي عن أبي موسى الأشعري [ أنه قال ] : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إذا توجه المسلمان بسيفهما ، فقتل أحدهما صاحبه ، فهما في النار ، فقيل : يا رسول الله : [ هذا القاتل ، فما بال ] المقتول ؟ فقال : إنه أراد أن يقتل صاحبه » [ ابن ماجة : 3964 ] .
وعن سعيد بن مالك رضي الله عنه [ أنه ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن استطعت أن تكون عبد الله ، ولا تقتل أحدا من أهل القتلة فافعل » [ أحمد5/292 ] .
وعن الحسن رضي الله عنه [ أنه ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كيف تصنع يا أبا ذر إذا كان بالمدينة قتل بغير حجارة ؟ قال : قلت : ألبس سلاحي ، قال : شاركت القوم إذن ، قال : قلت : كيف أصنع يا رسول الله ؟ قال : إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ناحية ثوبك على وجهك حتى يبوء بإثمك وإثمه » [ أبو داوود : 4261 ] . يحتجون بمثل هذه الأخبار .
وقال آخرون : له أن يقاتل إذا لم يتعظ صاحبه بالله ، وأراد قتله ، فهو في سعة من قتل من يريد أن يبتديه بالقتل استدلالا بما أمر الله تعالى بقتال أهل البغي كقوله تعالى : { فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله } [ الحجرات : 9 ] فصار الحكم في أمتنا ما أمرهم الله به من قتال البغاة لأن الله تعالى قال : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا } [ المائدة : 48 ] . على أن قتال المشركين كان محظورا في أول مبعث النبي صلى الله عليه وسلم وقبل ذلك بأوقات . وقالوا : فغير منكر أن يكون الوقت الذي ذكره الله في هذه الآية كان قتال المشركين ، وتجريد السيف فيه محظورا ، فأذن الله في قتالهم وقتال أهل البغي ، فصار الحكم في أمتنا ما أمر الله به من قتال البغاة والمشركين ، والله أعلم .
وأما ما احتجوا به من الأخبار التي رويت من اقتتال المسلمين وأشباهها فإن ذلك ، والله أعلم ، ما احتجوا به من الأخبار التي رويت في حال الفتن وقتال الفئتين اللتين لا إمام فيهما يستحق الإمامة لحمية أو أمر جاهلية أو عصبية ، فهما على خطأ . فالصواب في مثله ما ذكر من الأخبار .
وأما إذا كان للناس إمام هدى ، فعقدوا له البيعة ، فخرجت عليه خارجة ظالمة ، فقتالهم واجب اتباعا لعلي رضي الله عليه ومن حارب معه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل البغي والخوارج ، فهو كان لإجماع لأن جميع الطوائف قد حاربوهم . ورويت في ذلك آثار كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا يذهب من رأى قتل من يهم به قبله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.