و " اللاَّم " في قوله : " لَئِنْ بَسَطْتَ " هي المُوَطِّئة .
وقوله : { مَا أنَا بِبَاسِط } جوابُ القسم المَحْذُوف ، وهذا على القاعِدَة المُقَرَّرةِ من أنَّه إذا اجْتَمَع شَرْطٌ وقسمٌ أجِيبَ سابقُهما إلا في صُورة تَقدّم التَّنْبِيه عليها{[11498]} .
وقال الزَّمَخْشَرِي{[11499]} : " فإن قلت : لِم جاء الشَّرْط بلفظ الفِعْل ، والجزاء بلفظ اسم الفاعل ، وهو قوله " لَئِنْ بَسَطْتَ " ، { ما أنَا بِبَاسِطٍ } ؛ قلت : ليفيد أنه لا يفعلُ هذا الوَصْفَ الشَّنِيع ، ولذلك أكَّدَهُ ب " الباء " المفيدة لِتَأكِيد النَّفْي " .
وناقَشَهُ أبُو حيَّان{[11500]} في قوله : [ إنَّ ]{[11501]} { ما أنا بِبَاسِطٍ } جزاء للشَّرْط .
قال : لأنَّ هذا الجواب لِلقَسَم لا للشَّرط قال : " لأنه لو كان جواباً للشَّرط للزمته الفاء لِكَوْنه منفيًّا ب " ما " والأداة جَازِمة ، وللزِمَهُ أيضاً تلك القَاعِدة ، وهو كَوْنه لم يجب الأسْبَق منهما " وهذا ليس بشيء ؛ لأن الزَّمَخْشَرِيَّ سماه جزاء للشَّرط لما كان دالاًّ على جزاء الشَّرْط ، ولا نَكِيرَ في ذلك [ ولكنه مُغْرى بأن يقال : قد اعترض على الزَّمَخْشَرِي ]{[11502]} .
وقال أيضاً : وقد خالف الزمخشريّ كلامه هنا بما ذكره في " البَقَرة " في قوله تعالى { وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ } [ البقرة : 145 ] ، من كونه جعله جواباً للقسم سادًّا مسدّ جوابِ الشَّرْط ، وقد تقدَّم بحثه مَعَهُ هناك .
ومعنى قوله " بَسَطْتَ " أي : مَددْتَ إليَّ يدكَ لِتَقْتُلَنِي ما أنَا بباسطٍ يدي إليْكَ لأقْتُلَكَ إنِّي أخافُ الله ربَّ العالمِين " {[11503]} قال عبدُ الله بن عمرو - رضي الله عنهما - : وايمُ الله إن كان المَقْتُول أشدَّ الرَّجُلَين ، ولكن مَنَعَهُ التَّحَرُّج أن يَبْسُطَ إلى أخيه يده{[11504]} ، وهذا في الشَّرْعِ جَائِز لمن أُريد قَتْلُهُ أن يَنْقَاد ويَسْتَسْلِم طلباً للأجْر ، كما فعل عُثْمان - رضي الله تعالى عنه - وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمحمَّد بن مسلمة - رضي الله عنه - " ألق كمك على وجهك وكن عبد الله المَقْتُول ولا تكن عبد الله القاتِل " {[11505]} .
وقال مجاهد : " كتب عليهم في ذلك الوَقْتِ إذا أراد رَجُلٌ قَتْلَ رجل أنَّه لا يَمْتَنِع ويصْبر " {[11506]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.