تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

ف { قَالَ } اللّه موبخا ومعاتبا : { مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } أي : شرفته وكرمته واختصصته بهذه الخصيصة ، التي اختص بها عن سائر الخلق ، وذلك يقتضي عدم التكبر عليه .

أسْتَكْبَرْتَ } في امتناعك { أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

65

( قال : يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ? أستكبرت ? أم كنت من العالين ? ) . .

ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي ? والله خالق كل شيء . فلا بد أن تكون هناك خصوصية في خلق هذا الإنسان تستحق هذا التنويه . هي خصوصية العناية الربانية بهذا الكائن وإيداعه نفخة من روح الله دلالة على هذه العناية .

أستكبرت ? عن أمري ( أم كنت من العالين ? )الذين لا يخضعون ?

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

القائل لإبليس هو الله عز وجل ، وقوله { ما منعك } تقرير وتوبيخ .

وقرأ عاصم والجحدري : «لَمَّا خلقت » بفتح اللام من : «لَمَّا » وشد الميم . وقرأ جمهور الناس «بيديْ » بالتثنية . وقرأ فرقة : «بيديَّ » بفتح الياء ، وقد جاء في كتاب الله : { مما عملت أيدينا } [ يس : 71 ] بالجمع .

وهذه كلها عبارة عن القدرة والقوة ، وعبر عن هذا المعنى بذكر اليد تقريباً على السامعين ، إذا المعتاد عند البشر أن القوه والبطش والاقتدار إنما هو باليد ، وقد كانت جهالة العرب بالله تعالى تقتضي أن تنكر نفوسها أن يكون خلق بغير مماسة ، ونحو هذا من المعاني المعقولة ، وذهب القاضي ابن الطيب إلى أن اليد والعين والوجه صفات ذات زائدة على القدرة والعلم غير ذلك من متقرر صفاته تعالى ، وذلك قول مرغوب عنه ويسميها الصفات الخبرية . وروي في بعض الآثار أن الله تعالى خلق أربعة أشياء بيده وهي : العرش والقلم وجنة عدن وآدم وسائر المخلوقات بقوله : «كن » . قال القاضي أبو محمد : وهذا إن صح فإنما ذكر على جهة التشريف للأربعة والتنبيه منها ، وإلا فإذا حقق النظر فكل مخلوق فهوة بالقدرة التي بها يقع الإيجاد بعد العدم .

وقرأت فرقة : «استكبرت » بصلة الألف على الخبر عن إبليس ، وتكون { أم } بينة الانقطاع لا معادلة لها . وقرأت فرقة : «أستكبرت » بقطع الألف على الاستفهام ، ف { أم } على هذا معادلة للألف ، وذهب كثير من النحويين إلى أن «أم » لا تكون معادلة للألف مع اختلاف الفعلين ، وإنما تكون معادلة إذا أدخلتا على فعل واحد ، كقولك : أزيد قام أم عمرو ؟ وقولك : أقام زيد أم عمرو ؟ قالوا : وإذا اختلف الفعلان كهذه الآية فليست أم معادلة ، ومعنى الآية : أحدث لك الاستكبار الآن أن كنت قديماً ممن لا يليق أن تكلف مثل هذا لعلو مكانك ، وهذا على جهة التوبيخ .