ثم إن الله سبحانه سأله عن سبب تركه للسجود الذي أمره به فقال : { يَا إِبْلِيسَ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ } أي ما صرفك ، وصدّك عن السجود لما توليت خلقه من غير واسطة ؟ وأضاف خلقه إلى نفسه تكريماً له وتشريفاً ، مع أنه سبحانه خالق كل شيء كما أضاف إلى نفسه الروح والبيت والناقة والمساجد .
قال مجاهد : اليد هنا بمعنى : التأكيد ، والصلة مجازاً كقوله : { ويبقى وَجْهُ رَبّكَ } [ الرحمن : 27 ] . وقيل : أراد باليد القدرة ، يقال : ما لي بهذا الأمر يد ، وما لي به يدان أي : قدرة ، ومنه قول الشاعر :
تحملت من عفراء ما ليس لي يد *** ولا للجبال الراسيات يدان
وقيل : التثنية في اليد للدلالة على أنها ليس بمعنى : القوّة والقدرة ، بل للدلالة على أنهما صفتان من صفات ذاته سبحانه ، و " ما " في قوله : { لِمَا خَلَقْتُ } هي المصدرية أو الموصولة . وقرأ الجحدري : " لما " بالتشديد مع فتح اللام على أنها ظرف بمعنى : حين كما قال أبو عليّ الفارسي . وقرئ : " بيدي " على الإفراد { أَسْتَكْبَرْتَ } قرأ الجمهور بهمزة الاستفهام ، وهو استفهام توبيخ ، وتقريع و{ أَمْ } متصلة . وقرأ ابن كثير في رواية عنه ، وأهل مكة بألف وصل ، ويجوز أن يكون الاستفهام مراداً ، فيوافق القراءة الأولى كما في قول الشاعر :
* بسبع رمين الجمر أم بثمانيا *
ويحتمل أن يكون خبراً محضاً من غير إرادة للاستفهام ، فتكون «أم » منقطعة ، والمعنى : استكبرت عن السجود الذي أمرت به بل أكُنتَ مِنَ العالين ، أي : المستحقين للترفع عن طاعة أمر الله المتعالين عن ذلك ، وقيل : المعنى : استكبرت عن السجود الآن ، أم لم تزل من القوم الذين يتكبرون عن ذلك ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.