قوله : { أَن تَسْجُدَ } قد يستدل به من يرى أن «لا » في «أنْ لا تَسْجُدَ » في السورة الأخرى زائدة ، حيث سقطت هنا والقصة واحدة . وقوله : { لِمَا خَلَقْتُ } قد يستدل به من يرى جواز وقوع «ما » على العاقل ؛ لأن المراد به آدم ، وقيل : لا دليل فيه لأنه كان فَخَّاراً غير جسم حسَّاسٍ فأشير إليه في تلك الحالة . وهذا ليس بشيء ؛ لأن هذا الخطاب إنما كان بعد نَفْخ الرُّوح فيه لقوله : { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [ الحجر : 29 ] .
فلما امتنع من السجود قال : { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ } . وقيل : ما مصدرية والمصدر غير مراد فيكون واقعاً موقع المفعول به أي لمخْلُوقي . وقرأ الجّحْدريّ «لَمَّا » بتشديد الميم وفتح اللام وهي «لَمَّا » الظرفية عند الفارسيِّ ، وحرف وجوب لوجوب عند سيبَويْهِ . والمسجود له على هذا غير مذكور ؛ أي ما منعك من السجود لَمَّا خلقتُ أي حين خلقتُ لمن أمرتك بالسجود له .
قرئ : «بِيدَيِّ » بكسر الياء كقراءة حمزة : { بِمُصْرِخِي } [ إبراهيم : 22 ] ، وتقدم ما فيها وقرى : بِيَدِي بالإفراد .
قوله : { أَسْتَكْبَرْتَ } قرأ العامة بهمزة الاستفهام ، وهو استفهام توبيخ وإنكار ، و «أم » متصلة هنا ، وهذا قول جمهور النَّحْويِّينَ ونقله ابنُ عطيةَ عن بعض النحويين أنها لا تكون معادلة للألف مع اختلاف الفعلين وإنما تكون معادلة إذا دخلتا على فعل واحد كقولك : أَقَامَ زَيْدٌ أَمْ عَمْرٌو ، وأزيدٌ قَامَ أمْ عمرٌو ، وإذا اختلف الفعلان كهذه الآية فليست معادلةً . وهذا الذي حكاه عن بعض النحاة مذهب فاسد بل جمهور النحاة على خلافه . قال سيبويه : وتقول : أَضَرَبْتَ زيداً أمْ قَتَلْتَهُ ، فالبداءَةُ هنا بالفعل أحسن لأنك إنما تسأل عن أحَدِهما لا تدري أيُّهما كان ، ولا تسأل عن موضع أحدهما كأنك قلت : أيّ ذلك كان . انتهى ، فعادل بها الألف مع اختلاف الفعلين ، وقرأ جماعة منهم ابنُ كَثيرٍ- وليست مشهورةً عنه - اسْتكْبَرْتَ بألف الوصل ؛ فاحتملت وجهين :
أحدهما : أن يكون الاستفهام مراداً يدل عليه «أم » كقوله :
. . . . . . . . . . . . . . . . . . ***بِسَبْعٍ رَمَيْنَ الجَمْرَ أَمْ بِثَمانِ
تَرَوَّحُ مِنَ الحَيِّ أَمْ تَبْتَكِرُ*** . . . . . . . . . . . . . . .
فتتفق القراءتان في المعنى ، واحتمل أن يكون خبراً محضاً ، وعلى هذا «فأم » منقطعة لعدم شرطها .
المعنى استكبرت الآن أم كنت من المتكبرين أبداً أي من القوم الذين يتكبرون فتكبرت عن السجود لكونك منهم
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.