غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

قوله { خلقت بيديّ } كلام المجسمة فيه ظاهر وغيرهم حملوه على وجوه منها : أن اليد عبارة عن القدرة يقال ما لي بهذا الأمر يد أي قوّة وطاقة . ومنها أنها النعمة . ومنها أنها للتأكيد وليدل على عدم الواسطة كما مر في قوله { مما عملت أيدينا } [ يس : 71 ] وقد يقال في حق من جنى بلسانه وإن لم يكن له هذا مما كسبت يداك . والحق فيه أن السلطان العظيم لا يقدر على عمل شيء بيديه إلا إذا كانت عنايته مصروفة إلى ذلك العمل ، فحيث كانت العناية الشديدة من لوازم العمل باليد أمكن جعله مجازاً عنها . ومنها قول أرباب التأويل إنه إشارة إلى صفتي اللطف والقهر وهما يشملان جميع الصفات فلا مخلوق إلا وهو مظهر لإِحدى الصفتين ، كالملك فإنه مظهر اللطف ، وكالشيطان فإِنه مظهر القهر إلا الإنسان فإِنه مظهر لكلتيهما وبذلك استحق الخلافة ومسجودية الملائكة ولهذا جاء في الأحاديث القدسية " لا أجعل ذرّية من خلقت بيديّ كمن قلت له كن فكان " قوله { استكبرت أم كنت من العالين } أي أطلبت الكبر من غير استحقاق أم كنت ممن علوت وفقت ؟