بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قَالَ يَـٰٓإِبۡلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ أَسۡتَكۡبَرۡتَ أَمۡ كُنتَ مِنَ ٱلۡعَالِينَ} (75)

{ قَالَ يَا إِبْلِيسَ ما منعك } يعني : يا خبيث { مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ } يعني : الذي خلقته بيدي قال بعضهم نؤمن بهذه الآية ونقرؤها ، ولا نعرف تفسيرها . يعني : قوله : { بِيَدَيّ } يعني : الذي خلقت بيدي . وقال بعضهم : تفسيرها كما قال الله تعالى : { خَلَقْتَهُ بِيَدَيّ } . ولا نفسر اليد . ونقول : يد لا كالأيدي . وهذا قول أهل السنة والجماعة . وقال بعضهم : نفسرها بما يليق من صفات الله تعالى . يعني : خلقه بقدرته ، وقوته ، وإرادته . فإن قيل : قد خلق الله عز وجل سائر الأشياء بقوته ، وقدرته ، وإرادته . فما الفائدة في التخصيص هنا ؟ قيل له : قد ذكر اليد في خلق سائر الأشياء أيضاً ، وهو قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا خَلَقْنَا لَهُم مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أنعاما فَهُمْ لَهَا مالكون } [ يس : 71 ] ويقال : { لِمَا خَلَقْتُ بيديّ } أي : بقوتي . قوة العلم ، وقوة القدرة . ويقال : { خَلَقْتَهُ بيديّ } أي : بماء السماء ، وتراب الأرض ، كقوله : { إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدم خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ آل عمران : 59 ] وكما قال عليه السلام : «خَلَقَ الله تَعَالَى الخَلْقَ مِنْ مَاءٍ » وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال : أنزل القرآن على سبعة أحرف لكل حرف منها ظهر وبطن . وكذلك الأخبار قد جاء فيها أيضاً ما له ظهر وبطن . وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : «لاَ تَقُولُوا فَلاَنٌ قَبِيح فَإِن الله عز وجل خلق آدم عَلَى صُورَتِهِ » . ومن قال : إن لله تعالى صورة كصورة آدم فهو كافر ، ولكن المعنى في الخبر ، ما روي عن بعض المتقدمين أنه قال : إن الله تبارك وتعالى اختار من الصور صورة ، وخلق آدم عليه السلام بتلك الصورة ، فمن ذلك قال : «إنَّ الله تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُوَرتِهِ » أي : على تلك الصورة التي اختارها الله . روى شبل عن ابن كثير أنه قرأ : { بيديّ أَسْتَكْبَرْتَ } موصولة الألف ، وقراءة العامة بقطع الألف على الاستفهام ، بدليل قوله عز وجل : { أَمْ كُنتَ مِنَ العالين } ومن قرأ موصولة ، فهو على معنى الوجوب . وتكون { أَمْ } بمعنى بل ، { أَسْتَكْبَرْتَ } يعني : تعظمت عن السجود { أَمْ كُنتَ مِنَ العالين } يعني : بل كنت من العالين ، من المخالفين لأمري .