تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

{ 2 } { يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ } والرشد : اسم جامع لكل ما يرشد الناس إلى مصالح دينهم ودنياهم ، { فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا } فجمعوا بين الإيمان الذي يدخل فيه جميع أعمال الخير ، وبين التقوى ، [ المتضمنة لترك الشر ] وجعلوا السبب الداعي لهم إلى الإيمان وتوابعه ، ما علموه من إرشادات القرآن ، وما اشتمل عليه من المصالح والفوائد واجتناب المضار ، فإن ذلك آية عظيمة ، وحجة قاطعة ، لمن استنار به ، واهتدى بهديه ، وهذا الإيمان النافع ، المثمر لكل خير ، المبني على هداية القرآن ، بخلاف إيمان العوائد ، والمربى والإلف ونحو ذلك ، فإنه إيمان تقليد تحت خطر الشبهات والعوارض الكثيرة ،

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

( يهدي إلى الرشد ) . .

وهذه هي الصفة الثانية البارزة كذلك في هذا القرآن ، التي أحسها النفر من الجن ، حين وجدوا حقيقتها في قلوبهم . . وكلمة الرشد في ذاتها ذات دلاله واسعة المدى . فهو يهدي إلى الهدى والحق والصواب . ولكن كلمة الرشد تلقي ظلا آخر وراء هذا كله . ظل النضوج والاستواء والمعرفة الرشيدة للهدى والحق والصواب . ظل الإدراك الذاتي البصير لهذه الحقائق والمقومات ، فهو ينشئ حالة ذاتية في النفس تهتدي بها إلى الخير والصواب .

والقرآن يهدي إلى الرشد بما ينشئه في القلب من تفتح وحساسية ، وإدراك ومعرفة ، واتصال بمصدر النور والهدى ، واتساق مع النواميس الإلهية الكبرى . كما يهدي إلى الرشد بمنهجه التنظيمي للحياة وتصريفها . هذا المنهج الذي لم تبلغ البشرية في تاريخها كله ، في ظل حضارة من الحضارات ، أو نظام من الأنظمة ، ما بلغته في ظله أفرادا وجماعات ، قلوبا ومجتمعات ، أخلاقا فردية ومعاملات اجتماعية . . على السواء .

فآمنا به . .

وهي الاستجابة الطبيعية المستقيمة لسماع القرآن ، وإدراك طبيعته ، والتأثر بحقيقته . . يعرضها الوحي على المشركين الذين كانوا يسمعون هذا القرآن ثم لا يؤمنون . وفي الوقت ذاته ينسبونه إلى الجن ، فيقولون : كاهن أو شاعر أو مجنون . . وكلها صفات للجن فيها تأثير . وهؤلاء هم الجن مبهورين بالقرآن مسحورين متأثرين أشد التأثر ، منفعلين أشد الانفعال ، لا يملكون أنفسهم من الهزة التي ترج كيانهم رجا . . ثم يعرفون الحق ، فيستجيبون له مذعنين معلنين هذا الإذعان : فآمنا به غير منكرين لما مس نفوسهم منه ولا معاندين ، كما كان المشركون يفعلون !

( ولن نشرك بربنا أحدا ) . .

فهو الإيمان الخالص الصريح الصحيح . غير مشوب بشرك ، ولا ملتبس بوهم ، ولا ممتزج بخرافة ، الإيمان الذي ينبعث من إدراك حقيقة القرآن ، والحقيقة التي يدعو إليها القرآن ، حقيقة التوحيد لله بلا شريك .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

يهدي إلى الرشد إلى الحق والصواب فآمنا به بالقرآن ولن نشرك بربنا أحدا على ما نطقت به الدلائل القاطعة على التوحيد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

و{ الرشْد } : بضم الراء وسكون الشين ( أو يقال بفتح الراء وفتح الشين ) هو الخير والصواب والهدى . واتفقت القراءات العشر على قراءته بضم فسكون .

وقولهم : { ولن نشرك بربنا أحداً } ، أي ينتفي ذلك في المستقبل . وهذا يقتضي أنهم كانوا مشركين ولذلك أكدوا نفي الإِشراك بحرف التأبيد فكما أكد خبرهم عن القرآن والثناء عليه ب ( إن ) أكد خبرهم عن إقلاعهم عن الإِشراك ب { لن } .