نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

ولما بينوا فضله من جهة الإعجاز وغيره{[68968]} ، بينوا المقصود بالذات الدال على غوصهم على المعاني بعد علمهم بحسن المباني فقالوا : { يهدي } أي يبين{[68969]} غاية البيان مع الدعاء في لطف وهدى { إلى الرشد } أي الحق والصواب الذي يكاد يشرد لثقله على النفوس الداعية إلى الهوى وخفة ضده الغي والسفه الملائم لنقائص النفوس . ولما وصفوه بهذه الكمالات سببوا عن ذلك قولهم إعمالاً للقوة العملية في المبادرة إلى الصواب من غير تخلف أصلاً : { فآمنا } أي كل من استمع منا لم يتخلف منا أحد ولا توقف بعد الاستماع { به } أي أوقعنا الأمان لمبلغ القرآن أن نكذبه{[68970]} أو نخالفه أدنى مخالفة بسبب هذا القرآن .

ولما أخبروا عن الماضي ، وكان الإيمان{[68971]} لا يفيد إلا مع الاستمرار ، قالوا عاطفين على ما تقديره : فوجدنا{[68972]} الله في الحال لأن ذلك نتيجة الإيمان بالقرآن وخلعنا الأنداد : { ولن } أي والحال أنا مع إيقاع الإيمان في الحال لن { نشرك } بعد ذلك أصلاً{[68973]} ، أكدوا لأنه أمر لا يكاد يصدق { بربنا } أي الذي لا إحسان قائم بنا من الإيجاد وما بعده إلا منه { أحداً * } أي من الخلق لأنه لم يشركه في شيء من أمرنا أحد ، وقد وضحت الدلائل على التوحيد فيما سمعنا من هذا القرآن .


[68968]:- زيد الواو في الأصل ولم تكن في ظ وم فحذفناها.
[68969]:- في ظ وم: بين.
[68970]:- من ظ وم، وفي الأصل: تكذيبه.
[68971]:- من ظ وم، وفي الأصل: القرآن.
[68972]:- من ظ وم، وفي الأصل: فوجد.
[68973]:- زيد في الأصل: ثم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.