{ يهدي إلى الرشد } أي إلى الحق وسبيل الصواب { فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا } أي من خلقه في العبادة معه .
الأول هذا المقام شبيه بقوله تعالى {[7243]} { وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن } الآية ، وقد روى البخاري {[7244]} عن ابن عباس قال " انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين فقالوا ما لكم ؟ قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قال ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث ؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء قال فانطلق الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنخلة ، وهو عامد إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر فلما سمعوا القرآن تسمعوا له فقالوا هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن } وإنما أوحي إليه قول الجن " ورواه مسلم {[7245]} أيضا وزاد في أوله " ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم انطلق . . . " إلى آخره .
الثاني قال الماوردي ظاهر الآية أنهم آمنوا عند سماع القرآن قال والإيمان يقع باحد أمرين إما بأن يعلم حقيقة الإعجاز ، وشروط المعجزة ، فيقع له العلم بصدق الرسول ، أو يكون عنده علم من الكتب الأولى فيها دلائل على أنه النبي المبشر به وكلا الأمرين في الجن محتمل انتهى .
الثالث قال الرازي في الآية فوائد : إحداها : أن يعرفوا بذلك أنه عليه السلام كما بعث إلى الإنس فقد بعث إلى الجن .
وثانيها : أن يعلم قريش أن الجن ، مع تمردهم لما سمعوا القرآن عرفوا إعجازه فآمنوا بالرسول .
وثالثها : أن يعلم القوم أن الجن مكلفون كالإنس .
ورابعها : أن يعلم أن الجن يستمعون كلامنا ويفهمون لغاتنا .
وخامسها : أن يظهر أن المؤمن منهم يدعو غيره من قبيلته إلى الإيمان .
وفي كل هذه الوجوه مصالح كثيرة إذا عرفها الناس انتهى .
ولما سمعوا القرآن ووقفوا للتوحيد والإيمان تنبهوا على الخطأ فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بخلقه واتخاذه صاحبة وولدا فاستعظموه ونزهوه عنه فقالوا : { وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.