فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

{ يَهْدِى إِلَى الرشد } أي إلى مراشد الأمور ، وهي الحقّ والصواب ، وقيل : إلى معرفة الله ، والجملة صفة أخرى للقرآن { فآمنا به } أي صدّقنا به بأنه من عند الله { وَلَن نُّشرِكَ بِرَبّنَا أَحَداً } من خلقه ، ولا نتخذ معه إلها آخر ، لأنه المتفرّد بالربوبية ، وفي هذا توبيخ للكفار من بني آدم حيث آمنت الجنّ بسماع القرآن مرّة واحدة ، وانتفعوا بسماع آيات يسيرة منه ، وأدركوا بعقولهم أنه كلام الله وآمنوا به ، ولم ينتفع كفار الإنس لاسيما رؤساؤهم وعظماؤهم بسماعه مرّات متعدّدة ، وتلاوته عليهم في أوقات مختلفة مع كون الرسول منهم يتلوه عليهم بلسانهم لا جرم صرعهم الله أذلّ مصرع ، وقتلهم أقبح مقتل ، ولعذاب الآخرة أشدّ لو كانوا يعلمون .

/خ13