فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَهۡدِيٓ إِلَى ٱلرُّشۡدِ فَـَٔامَنَّا بِهِۦۖ وَلَن نُّشۡرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَدٗا} (2)

{ يهدي إلى الرشد } أي إلى مراشد الأمور ، وهي الحق والصواب والإيمان ، وقيل إلى معرفة الله والتوحيد ، والجملة صفة أخرى للقرآن { فآمنا به } أي صدقنا بأنه من عند الله { ولن نشرك } بعد اليوم { ربنا أحدا } من خلقه ولا نتخذ معه إلها آخر لأنه المتفرد بالربوبية ، وفيه دليل على أن أولئك النفر كانوا مشركين قيل كانوا يهودا وقيل كانوا نصارى وقيل مجوسا ومشركين .

وفي هذا توبيخ للكفار من بني آدم حيث آمنت الجن بسماع القرآن مرة واحدة وانتفعوا بسماع آيات يسيرة منه ، وأدركوا بعقولهم أنه كلام الله وآمنوا به ، ولم ينتفع كفار الإنس لاسيما رؤساؤهم وعظماؤهم بسماعه مرارا متعددة ، وتلاوته عليهم في أوقات مختلفة ، مع كون الرسول منهم يتلوه عليهم بلسانهم ، لا جرم صرعهم الله أذل مصرع وقتلهم أقبح مقتل ولعذاب الآخرة أشد لو كانوا يعلمون .