تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

فقالت : { وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ } منه . هل يستمر على رأيه [ ص 605 ] وقوله ؟ أم تخدعه الهدية وتتبدل فكرته وكيف أحواله وجنوده ؟ فأرسلت له هدية مع رسل من عقلاء قومها وذوي الرأي : منهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

15

وهنا تظهر شخصية " المرأة " من وراء شخصية الملكة . المرأة التي تكره الحروب والتدمير ، والتي تنضي سلاح الحيلة والملاينة قبل أن تنضي سلاح القوة والمخاشنة :

قالت : إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ، وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون . وإني مرسله إليهم بهدية فناظره بم يرجع المرسلون !

فهي تعرف أن من طبيعة الملوك أنهم إذا دخلوا قرية [ والقرية تطلق على المدينة الكبيرة ] أشاعوا فيها الفساد ، وأباحوا ذمارها ، وانتهكوا حرماتها ، وحطموا القوة المدافعة عنها ، وعلى رأسها رؤساؤها ؛ وجعلوهم أذلة لأنهم عنصر المقاومة . وأن هذا هو دأبهم الذي يفعلونه .

والهدية تلين القلب ، وتعلن الود ، وقد تفلح في دفع القتال . وهي تجربة . فإن قبلها سليمان فهو إذن أمر الدنيا ، ووسائل الدنيا إذن تجدي . وإن لم يقبلها فهو إذن أمر العقيدة ، الذي لا يصرفه عنه مال ، ولا عرض من أعراض هذه الأرض .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

{ وإني مرسلة إليهم بهدية } بيان لما ترى تقديمه في المصالحة ، والمعنى إني مرسلة رسلا بهدية ادفعه بها عن ملكي . { فناظرة بم يرجع المرسلون } من حاله حتى أعمل بحسب ذلك . روي إنها بعثت منذر بن عمرو في وفد وأرسلت معهم غلمانا على زي الجواري وجواري على زي الغلمان ، وحقا في درة عذراء وجزعة معوجة الثقب وقالت : إن كان نبيا ميز بين الغلمان والجواري وثقب الدرة ثقبا مستويا وسلك في الخرزة خيطا ، فلما وصلوا إلى معسكره ورأوا عظمة شأنه تقاصرت إليهم نفوسهم ، فلما وقفوا بين يديه وقد سبقهم جبريل بالحال فطلب الحق وأخبر عما فيه ، فأمر الأرضة فأخذت شعرة ونفذت في الدرة وأمر دودة بيضاء فأخذت الخيط ونفذت في الجزعة ، ودعا بالماء فكانت الجارية تأخذ الماء بيدها فتجعله في الأخرى ثم تضرب به وجهها والغلام كما يأخذه يضرب به وجهه ثم رد الهدية .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَإِنِّي مُرۡسِلَةٌ إِلَيۡهِم بِهَدِيَّةٖ فَنَاظِرَةُۢ بِمَ يَرۡجِعُ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (35)

روي أن بلقيس قالت لقومها إني أجرب هذا الرجل { بهدية } أعطيه فيها نفائس الأموال وأغرب عليه بأمور المملكة ، فإن كان ملكاً دنياوياً أرضاه المال فعملنا معه بحسب ذلك ، وإن كان نبياً لم يرضه المال ولازمنا في أمر الدين فينبغي أن نؤمن به ونتبعه على دينه ، فبعثت إليه { بهدية } عظيمة أكثر بعض الناس في تفصيلها فرأيت اختصار ذلك لعدم صحته ، واختبرت علمه فيما روي بأن بعثت إليه قدحاً فقالت : املأه لي ماء ليس من الأرض ولا من السماء ، وبعثت إليه درة فيها ثقب محلزق وقالت يدخل سلكها دون أن يقربها إنس ولا جان ، وبعثت أخرى غير مثقوبة وقالت يثقب هذه غير الإنس والجن ، فملأ سليمان القدح من عرق الخيل ، وأدخلت السلك دودة . وثقبت الدرة أرضة ماء ، وراجع سليمان مع رد الهدية بما في الآية وعبر عن «المرسلين »ب { جاء } وبقوله { ارجع } لما أراد به الرسول الذي يقع على الجمع والإفراد والتأنيث والتذكير ، وقرأ ابن مسعود » فلما جاؤوا سليمان وقرأ «ارجعوا » ، ووعيد سليمان لهم مقترن بدوامهم على كفرهم ، وذكر مجاهد أنها بعثت في هديتها بعدد كثير من العبيد بين غلام وجارية وجعلت زيهم واحداً وجربته في التفريق بينهم .

قال القاضي أبو محمد : وليس هذا بتجربة في مثل هذا الأمر الخطير .