تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

وبدأ بأشرف ذلك وهو الإنسان فقال : { خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ } لم يزل يدبرها ويرقيها وينميها حتى صارت بشرا تاما كامل الأعضاء الظاهرة والباطنة ، قد غمره بنعمه الغزيرة ، حتى إذا استتم فخر بنفسه وأعجب بها { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } يحتمل أن المراد : فإذا هو خصيم لربه ، يكفر به ، ويجادل رسله ، ويكذب بآياته . ونسي خلقه الأول وما أنعم الله عليه به ، من النعم فاستعان بها على معاصيه ، ويحتمل أن المعنى : أن الله أنشأ الآدمي من نطفة ، ثم لم يزل ينقله من طور ، إلى طور حتى صار عاقلا متكلما ، ذا ذهن ورأي : يخاصم ويجادل ، فليشكر العبد ربه الذي أوصله إلى هذه الحال التي ليس في إمكانه القدرة على شيء منها .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

( خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين ) ويا لها من نقلة ضخمة بين المبدأ والمصير . بين النطفة الساذجة والإنسان المخاصم المجادل الذي يخاصم خالقه فيكفر به ويجادل في وجوده أو في وحدانيته . وليس بين مبدئه من نطفة وصيرورته إلى الجدل والخصومة فارق ولا مهلة . فهكذا يصوره التعبير ، ويختصر المسافة بين المبدأ والمصير ، لتبدو المفارقة كاملة ، والنقلة بعيدة ، ويقف الإنسان بين مشهدين وعهدين متواجهين : مشهد النطفة المهينة الساذجة ، ومشهد الإنسان الخصيم المبين . . وهو إيجاز مقصود في التصوير .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

{ خلق الإنسان من نطفة } جماد لا حس بها ولا حراك سيالة لا تحفظ الوضع والشكل . { فإذا هو خصيم } منطيق مجادل . { مبين } للحجة أو خصيم مكافح لخالقه قائل : { من يحي العظام وهي رميم } . روي أن أُبيّ بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم وقال : يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ فنزلت .