{ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } وهذا شامل عام للخير .
{ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ }والشر كله ؛ لأنه إذا رأى مثقال الذرة التي هي أحقر الأشياء ، [ وجوزي عليها ] فما فوق ذلك من باب أولى وأحرى ، كما قال تعالى : { يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا } { وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا }
وهذه الآية فيها غاية الترغيب في فعل الخير ولو قليلًا ، والترهيب من فعل الشر ولو حقيرًا .
ووراء رؤيتها الحساب الدقيق الذي لا يدع ذرة من خير أو من شر لا يزنها ولا يجازي عليها .
( فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره . ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) . .
ذرة . . كان المفسرون القدامى يقولون : إنها البعوضة . وكانوا يقولون : إنها الهباءة التي ترى في ضوء الشمس . . . فقد كان ذلك أصغر ما يتصورون من لفظ الذرة . . .
فنحن الآن نعلم أن الذرة شيء محدد يحمل هذا الإسم ، وأنه أصغر بكثير من تلك الهباءة التي ترى في ضوء الشمس ، فالهباءة ترى بالعين المجردة . أما الذرة فلا ترى أبدا حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي " رؤيا " في ضمير العلماء ! لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها !
فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها ! . . .
عندئذ لا يحقر " الإنسان " شيئا من عمله . خيرا كان أو شرا . ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله إرتعاشة ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل !
إن هذا الميزان لم يوجد له نظير أو شبيه بعد في الأرض . . إلا في القلب المؤمن . .
القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر . . . وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر . . ولا تتأثر وهي تسحق رواسي من الخير دونها رواسي الجبال . .
إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب ! !
{ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } تفصيل ليروا ، ولذلك قرئ ( يره ) بالضم ، وقرأ هشام بإسكان الهاء ، ولعل حسنة الكافر وسيئة المجتنب عن الكبائر تؤثران في نقص الثواب والعقاب . وقيل : الآية مشروطة بعدم الإحباط والمغفرة ، أو من الأولى مخصوصة بالسعداء ، والثانية بالأشقياء ، لقوله : أشتاتا ، والذرة النملة الصغيرة ، أو الهباء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.