{ 109 - 111 } { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ * وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ }
أي : وأقسم المشركون المكذبون للرسول محمد صلى الله عليه وسلم . { بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } أي : قسما اجتهدوا فيه وأكدوه . { لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ } تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم { لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا } وهذا الكلام الذي صدر منهم ، لم يكن قصدهم فيه الرشاد ، وإنما قصدهم دفع الاعتراض عليهم ، ورد ما جاء به الرسول قطعا ، فإن الله أيد رسوله صلى الله عليه وسلم ، بالآيات البينات ، والأدلة الواضحات ، التي -عند الالتفات لها- لا تبقي أدنى شبهة ولا إشكال في صحة ما جاء به ، فطلبهم -بعد ذلك- للآيات من باب التعنت ، الذي لا يلزم إجابته ، بل قد يكون المنع من إجابتهم أصلح لهم ، فإن الله جرت سنته في عباده ، أن المقترحين للآيات على رسلهم ، إذا جاءتهم ، فلم يؤمنوا بها -أنه يعاجلهم بالعقوبة ، ولهذا قال : { قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ } أي : هو الذي يرسلها إذا شاء ، ويمنعها إذا شاء ، ليس لي من الأمر شيء ، فطلبكم مني الآيات ظلم ، وطلب لما لا أملك ، وإنما توجهون إلي توضيح ما جئتكم به ، وتصديقه ، وقد حصل ، ومع ذلك ، فليس معلوما ، أنهم إذا جاءتهم الآيات يؤمنون ويصدقون ، بل الغالب ممن هذه حاله ، أنه لا يؤمن ، ولهذا قال : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ }
وأخيرا يختم هذا الدرس ، الذي استعرض فيه صفحة الوجود الحافلة بالآيات والخوارق ، في كل لحظة من ليل أو نهار . . يختمه بأن هؤلاء المشركين يقسمون بالله جهد أيمانهم أن لو جاءتهم آية - أي خارقة مادية كخوارق الرسل السابقة - ليؤمنن بها ! الأمر الذي جعل بعض المسلمين حين سمعوا أيمانهم يقترحون على رسول الله [ ص ] أن يسأل ربه هذه الآية التي يطلبون ! . . ويجيء الرد الحاسم على المؤمنين ، ببيان طبيعة التكذيب في هؤلاء المكذبين :
( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها . قل : إنما الآيات عند الله . وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ؟ )
يقول تعالى إخبارًا عن المشركين : إنهم أقسموا بالله جهد أيمانهم ، أي : حلفوا أيمانًا مؤكدة { لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ } أي : معجزة وخارق ، { لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا } أي : ليصدقنها ، { قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ } أي : قل يا محمد لهؤلاء الذين يسألونك الآيات تعنتًا وكفرًا وعنادًا ، لا على سبيل الهدى والاسترشاد : إنما مرجع{[11039]} هذه الآيات إلى الله ، إن شاء أجابكم ، وإن شاء ترككم ، كما قال ، قال ابن جرير :
حدثنا هَنَّاد{[11040]} حدثنا يونس بن بُكَيْر ، حدثنا أبو مَعْشَر ، عن محمد بن كعب القُرَظِي قال : كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا ، فقالوا : يا محمد ، تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة ، فأتنا من الآيات حتى نصدقك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أي شيء تحبون أن آتيكم به ؟ " . قالوا : تجعل لنا الصفا ذهبا . فقال لهم : " فإن فعلت تصدقوني ؟ " . قالوا : نعم ، والله لئن فعلت لنتبعك أجمعين . فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فجاءه جبريل ، عليه السلام ، فقال له : لك ما شئت ، إن شئت أصبح الصفا ذهبا ، ولئن أرسل آية فلم يصدقوا عند ذلك ليعذبنهم ، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم . فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]{[11041]} بل يتوب تائبهم " . فأنزل الله : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ }{[11042]} إلى قوله [ تعالى ]{[11043]} { يَجْهَلُونَ }
وهذا مرسل{[11044]} وله شواهد من وجوه أخر . وقال الله تعالى : { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الأوَّلُونَ [ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلا تَخْوِيفًا ] {[11045]} } [ الإسراء : 59 ] .
وقوله تعالى : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ } قيل : المخاطب ب { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } المشركون ، وإليه ذهب مجاهد كأنه يقول لهم : وما يدريكم بصدقكم في هذه الأيمان التي تقسمون بها . وعلى هذا فالقراءة : " إنها إذا جاءت لا يؤمنون " بكسر " إنها " على استئناف الخبر عنهم بنفي الإيمان عند مجيء الآيات التي طلبوها ، وقراءة{[11046]} بعضهم : " أنها إذا جاءت لا تؤمنون " بالتاء المثناة من فوق .
وقيل : المخاطب بقوله : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } المؤمنون ، أي : وما يدريكم أيها المؤمنون ، وعلى هذا فيجوز في{[11047]} { أَنَّهَا } الكسر كالأول والفتح على أنه معمول يشعركم . وعلى هذا فتكون " لا " في قوله : { أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ } صلة كما في قوله : { مَا مَنَعَكَ أَلا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ } [ الأعراف : 12 ] ، وقوله { وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ } [ الأنبياء : 95 ] . أي : ما منعك أن تسجد إذ أمرتك وحرام أنهم يرجعون . وتقديره في هذه الآية : وما يدريكم - أيها المؤمنون الذين تودون لهم ذلك حرصا على إيمانهم - أنها إذا جاءتهم الآيات يؤمنون{[11048]}
وقال بعضهم : " أنها " بمعنى لعلها .
قال ابن جرير : وذكروا أن ذلك كذلك في قراءة أبي بن كعب . قال : وقد ذكر عن العرب سماعا : " اذهب إلى السوق أنك تشتري لي{[11049]} شيئًا " بمعنى : لعلك تشتري .
قال : وقد قيل : إن قول عدي بن زيد العبادي من هذا :
أعاذل ما يُدْريك أنّ مَنيَّتي*** إلى سَاعَةٍ في اليوم أو في ضُحَى الغَد{[11050]}
وقد اختار هذا القول ابن جرير وذكر عليه شواهد من أشعار العرب والله [ تعالى ]{[11051]} أعلم .
{ وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ آيَةٌ لّيُؤْمِنُنّ بِهَا قُلْ إِنّمَا الاَيَاتُ عِندَ اللّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } .
يقول تعالى ذكره : حلف بالله هؤلاء العادلون بالله جهد حلفهم ، وذلك أوكد ما قدوا عليه من الأيمان وأصعبها وأشدّها : لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ يقول : قالوا : نقسم بالله لئن جاءتنا آية تصدّق ما تقول يا محمد مثل الذي جاء من قبلنا من الأمم . لَيُؤْمِنُنّ بِها يقول : قالوا : لنصدقنّ بمجيئها بك ، وأنك لله رسول مرسل ، وأن ما جئتنا به حقّ من عند الله . وقيل : «ليؤمننّ بها » ، فأخرج الخبر عن الاَية والمعنى لمجيء الاَية . يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم : قُلْ إنّمَا الاَياتُ عِنْدَ اللّهِ وهو القادر على إتيانكم بها دون كلّ أحد من خلقه . وَما يُشْعِرُكُمْ يقول وما يدريكم إنّها إذَا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ . وذكر أن الذين سألوه الاَية من قومه هم الذين آيس الله نبيه من إيمانهم من مشركي قومه . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنّ بِها إلى قوله : يَجْهَلُونَ سألت قريش محمداً صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بآية ، واستحلفهم ليؤمننّ بها .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح : لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنّ بِها ثم ذكر مثله .
حدثنا هناد ، قال : حدثنا يونس بن بكير ، قال : حدثنا أبو معشر ، عن محمد بن كعب القرظي ، قال : كلم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قريشاً ، فقالوا : يا محمد تخبرنا أن موسى كان معه عصا يضرب بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً ، وتخبرنا أن عيسى كان يحيي الموتى ، وتخبرنا أن ثمود كانت لهم ناقة ؟ فأتنا بشيء من الاَيات حتى نصدّقك فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : «أيّ شَيْءٍ تُحِبونَ أنْ آتِيَكُمْ بِهِ ؟ » قالوا : تجعل لنا الصفا ذهباً ، فقال لهم : «فإنْ فَعَلْتُ تُصَدّقُونِي ؟ » قالوا : نعم والله لئن فعلت لنتبغك أجمعون فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو ، فجاءه جبريل عليه السلام ، فقال : لك ما شئت إن شئت أصبح ذهباً ، ولئن أرسل آية فلم يصدّقوا عند ذلك لنعذّبنهم ، وإن شئت فاتركهم حتى يتوب تائبهم . فقال : «بَلْ يَتُوبَ تائِبُهُمْ » . فأنزل الله تعالى : وأقْسَمُوا بالله . . . إلى قوله : يَجْهَلُونَ .
القول في تأويل قوله تعالى : وَما يُشْعِرُكُمْ أنّها إذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُونَ .
اختلف أهل التأويل في المخاطبين بقوله : وَما يُشْعِرُكُمْ أنّها إذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُونَ فقال بعضهم : خوطب بقوله : وَما يُشْعِرُكُمْ المشركون المقسمون بالله لئن جاءتهم آية ليؤمننّ ، وانتهى الخبر عند قوله : وَما يُشْعِرُكُمْ ثم استؤنف الحكم عليهم بأنهم لا يؤمنون عند مجيئها استئنافاً مبتدأ . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : وَما يُشْعِرُكُمْ قال : ما يدريكم . قال : ثم أخبر عنهم أنهم لا يؤمنون .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَما يُشْعِرُكُمْ وما يدريكم أنّها إذَا جاءَتْ ؟ قال : أوجب عليهم أنها إذا جاءت لا يُؤْمِنُونَ .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : سمعت عبد الله بن زيد يقول : إنما الاَيات عند الله ، ثم تستأنف فيقول : أنّها إذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُونَ .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قوله : إنّمَا الاَياتُ عِنْدَ اللّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ : وما يدريكم أنكم تؤمنون إذا جاءت ثم استقبل يخبر عنهم فقال : إذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُونَ .
وعلى هذا التأويل قراءة من قرأ ذلك بكسر ألف : «أنّها » على أن قوله : «أنّها إذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُونَ » خبر مبتدأ منقطع عن الأوّل ، وممن قرأ ذلك كذلك بعض قرّاء المكيين والبصريين .
وقال آخرون منهم : بل ذلك خطاب من الله نبيه صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، قالوا : وذلك أن الذين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بآية ، المؤمنون به . قالوا : وإنما كان سبب مسألتهم إياه ذلك أن المشركين حلفوا أن الاَية أذا جاءت آمنوا ، واتبعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : سل يا رسول الله ربك ذلك فسأل ، فأنزل الله فيهم وفي مسألتهم إياه ذلك ، قل للمؤمنين بك يا محمد : إنما الاَيات عند الله ، وما يشعركم أيها المؤمنون بأن الاَيات إذا جاءت هؤلاء المشركين بالله أنهم لا يؤمنون به ففتحوا الألف من «أن » . وممن قرأ ذلك كذلك عامة قرّاء أهل المدينة والكوفة ، وقالوا : أدخلت «لا » في قوله : لا يُؤْمِنُونَ صلة ، كما أدخلت في قوله : ما مَنَعَكَ ألاّ تَسْجُدَ ، وفي قوله : وَحَرَامٌ على قَرْيَةٍ أهْلَكْناها أنّهُمْ لا يَرْجِعُونَ وإنما المعنى : وحرام عليهم أن يرجعوا ، وما منعك أن تسجد .
وقد تأوّل قوم قرءوا ذلك بفتح الألف من : أنّها بمعنى : لعلها ، وذكروا أن ذلك كذلك في قراءة أبَيّ بن كعب . وقد ذُكر عن العرب سماعاً منها : اذهب إلى السوق أنك تشتري لي شيئاً ، بمعنى : لعلك تشتري وقد قيل : إن قول عديّ بن زيد العبادي :
أعاذِلَ ما يُدْرِيك أنّ مَنِيّتِي ***إلى ساعَةٍ فِي اليَومِ أوْ فِي ضُحَى الغَدِ
بمعنى : لعلّ منيتي وقد أنشدوني بيت دُرَيد بن الصّمة :
ذَرِيني أُطَوّفْ فِي البِلادِ لأنّنِي ***أرَى ما تَرَيْنَ أوْ بَخِيلاً مُخَلّدَا
بمعنى : لعلني . والذي أنشدني أصحابنا عن الفراء : «لعلني أرى ما ترين » . وقد أنشد أيضاً بيت توبة بن الحُمَيّرِ :
لَعَلكَ يا تَيْساً نَزَا فِي مَرِيرَةِ ***مُعَذّبَ لَيْلَى أنْ تَرَانِي أزُورُها
«لَهّنَك يا تيساً » ، بمعنى : لأنك التي في معنى لعلك وأنشد بيت أبي النجم العجلي :
قُلْتُ لشَيْبانَ ادْنُ مِنْ لِقائِه ***إنا نُغَدّي القَوْمَ مِنْ شِوَائِهِ
وأولى التأويلات في ذلك بتأويل الاَية ، قول من قال : ذلك خطاب من الله للمؤمنين به من أصحاب رسوله ، أعنى قوله : وَما يُشْعِرُكُمْ أنّها إذَا جاءَتْ لا يُؤمِنُونَ ، وأن قوله «أنها » بمعنى : «لعلها » .
وإنما كان ذلك أولى تأويلاته بالصواب لاستفاضة القراءة في قرّاء الأمصار بالياء من قوله : لا يُؤْمِنُونَ ولو كان قوله : وَما يُشْعِرُكُمْ خطاباً للمشركين ، لكانت القراءة في قوله : لا يُؤْمِنُونَ بالتاء ، وذلك وإن كان قد قرأه بعض قراء المكيين كذلك ، فقراءة خارجة عما عليه قرّاء الأمصار ، وكفى بخلاف جميعهم لها دليلاً على ذهابها وشذوذها .
وإنما معنى الكلام : وما يدريكم أيها المؤمنون لعلّ الاَيات إذا جاءت هؤلاء المشركين لا يؤمنون فيعاجَلوا بالنقمة والعذاب عند ذلك ولا يؤخّروا به .