معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ لَّيُؤۡمِنُنَّ بِهَاۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَا يُشۡعِرُكُمۡ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (109)

وقوله : { وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ . . . }

المقسمون الكفار . سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالآية التي نزلت في الشعراء { إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماء آيَةً فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خَاضِعِينَ } فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزلها وحلفوا ليؤمنن ، فقال المؤمنون : يا رسول الله سل ربك ينزلها عليهم حتى يؤمنوا ، فأنزل الله تبارك وتعالى : قل لِلذِين آمنوا : وما يشعِركم أنهم يؤمِنون . فهذا وجه النصب في أنّ ؛ وما يشعركم أنهم يؤمنون ( وَ ) نحن { نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا } ، وقرأ بعضهم : ( إنها ) مكسور الألف ( إذَا جَاءتْ ) مستأنفة ، ويجعل قوله ( وَما يُشْعِرُكُمْ ) كلاما مكتفِيا . وهي في قراءة عبد الله : ( وما يشعِركم إذا جاءتهم أنهم لا يؤمنون ) .

و( لا ) في هذا الموضع صِلة ؛ كقوله : { وَحَرَامٌ على قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } : المعنى : حرام عليهم أن يرجعوا . ومثله : { ما مَنَعَكَ أَنْ لاَ تَسْجُدَ } معناه : أن تسجد .

وهي في قراءة أُبَىّ : ( لعلها إِذا جاءتهم لا يؤمِنون ) وللعرب في ( لعلّ ) لغة بأن يقولوا : ما أدرى أنك صاحبها ، يريدون : لعلك صاحبها ، ويقولون : ما أدرى لو أنك صاحبها ، وهو وجه جيد أن تجعل ( أنّ ) في موضع لعل .