بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ لَّيُؤۡمِنُنَّ بِهَاۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَا يُشۡعِرُكُمۡ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (109)

قوله تعالى :

{ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم } وكان أهل الجاهلية يحلفون بآبائهم وبالأصنام وبغير ذلك ، وكانوا يحلفون بالله تعالى ، وكان يسمونه جهد اليمين إذا كانت اليمين بالله ، ولما نزل قوله تعالى { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السماء آيَةً فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين } [ الشعراء : 4 ] الآية قالوا : أنْزِلها فوالله لنؤمنن بك . وقال المسلمون : أنْزِلها لكي يؤمنوا فنزل { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم } يقول : حلفوا بالله { لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } قال الله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا الآيات عِندَ الله } إن شاء أنزلها وإن شاء لم ينزلها .

ثم قال : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا } يقول : وما يدريكم أنها { إِذَا جَاءتْ } يعني : الآية { لاَ يُؤْمِنُونَ } وقال مقاتل : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } يا أهل مكة أنها إذا جاءتكم لا تؤمنون . وقال الكلبي { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } . أيها المؤمنون أنها إذا جاءت لا يؤمنون . قرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم في رواية أبي بكر { إَنَّهَا } بالكسر على معنى الابتداء وإنما يتم الكلام عند قوله { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } ثم ابتدأ فقال : { أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } . ويشهد لهذا قراءة عبد الله بن مسعود { وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءتْ لاَ يُؤْمِنُونَ } . وقرأ الباقون { أَنَّهَا } بالنصب على معنى البناء ويشهد لها قراءة أُبي وما يشعركم لعلها إذا جاءت . وقرأ ابن عامر وحمزة { لاَ تُؤْمِنُونَ } بالتاء على معنى المخاطبة ، وهذه القراءة توافق لقول مقاتل .