الآية 109 وقوله تعالى : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } قالوا : { جهد أيمانهم } بالله ؛ فهذا يخرج على وجوه :
أحدها : أن الحنث في اليمين يخرج مخرج الاستخفاف والتهاون ، وإن كان في اليمين التعظيم ، وفي الحنث استخفاف ، وفي اليمين بالله جهد اليمين . ويحتمل وجهين سوى هذا :
أحدهما{[7602]} : ما قيل : إن الكفرة كانوا لا يحلفون بالله إلا عند العظيم من الأمور ، [ وفي ]{[7603]} الجليل منها كانوا يحلفون بدونه ، فسمي اليمين بالله جهد اليمين تعظيما لله وتبجيلا .
والثاني : يحتمل أنهم كانوا يحلفون بأشياء ، ويؤكدون اليمين بالله ، ويشددونه كقوله تعالى : { ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها } [ النحل : 91 ]
وقوله تعالى : { لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها } قيل : إنهم كانوا يقسمون { جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها } كانوا يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم آيات لئن جاءتهم يؤمنوا{[7604]} بها من نحو ما قالوا : { ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا تقرؤه } [ الإسراء : 90 ] وكقولهم : { ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه } [ الإسراء : 93 ] وغير ذلك من الآيات ، فقال { قل } ]{[7605]} يا محمد { إنما الآيات عند الله } هو الذي يرسلها ، وأنا لا أملك إرسالها ولا إنزالها كقوله تعالى : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله } [ الأنعام : 50 ] وغير ذلك من الآيات إنباء منه أنه لا يملك إنزال ما كانوا يسألونه من الآيات .
ثم قال : { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } اختلف فيه : قال الحسن وأبو بكر الأصم : إنه خاطب [ المؤمنين ]{[7606]} وما يشعركم أهل القسم الذين{[7607]} أقسموا { بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها } فقال : { وما يشعركم } أي ما يدريكم [ أنهم يؤمنون إذا جاءتهم ]{[7608]} أية ، ثم استأنف ، فقال إنها : { إذا جاءت لا يؤمنون } وهكذا كان يقرؤه الحسن بالخفض{[7609]} إنها : { إذا جاءت لا يؤمنون } على الاستئناف والابتداء .
وقال غيرهما{[7610]} من أهل التأويل : الخطاب لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لأنهم{[7611]} لما قالوا : { لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها } ظنوا أنهم لما أقسموا بالله جهد أيمانهم أنهم يؤمنون إذا جاءتهم آية ؛ يفعلون ذلك ، ويؤمنون على ما يقولون ، فقال لهم : { وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون } على طرح { لا } أي ما يدريكم أنها إذا جاءت يؤمنون .
ويحتمل فيه وجه آخر على الإضمار ؛ كأنه قال : { وما يشعركم } فاعلموا { أنها إذا جاءت لا يؤمنون } على الوقف في قوله : { وما يشعركم } ثم ابتدأ ، فقال : اعلموا { أنها إذا جاءت لا يؤمنون } وهذا كأنه أقرب .
أحدهما : أن أهل الإسلام قالوا : ]{[7612]} إنهم إن{[7613]} جاءتهم آية لا يؤمنوا{[7614]} ، فقال عند ذلك : { وما يشعركم } خاطب به هؤلاء : { أنها إذا جاءت لا يؤمنون } .
والثاني : أنهما وإن آمنوا بها إذا جاءتهم فتقلب أفئدتهم / 158-بن بعد . وعلى هذا التأويل أن خلق تقلب أفئدتهم وأبصارهم كقوله تعالى : { فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم } [ الصف : 5 ] أي خلق زيغ قلوبهم ، فكذلك الأول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.