قوله سبحانه : { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أيمانهم لَئِن جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا }[ الأنعام :109 ] .
اللام في قوله : { لَئِنْ } لامُ توطئة للقَسَمِ ، وأما المُتَلَقِّيَةُ للقَسَمِ فهي قوله : { لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } ، و( آية ) : يريد : علامة ، وحُكِيَ أنَّ الكفار لمَّا نزلَتْ : { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ السماء آيَةً فَظَلَّتْ أعناقهم لَهَا خاضعين } [ الشعراء : 4 ] ، أقسموا حينئذٍ ، أنها إنْ نزلَتْ ، آمنوا ، فنزلَتْ هذه الآيةُ ، وحُكِيَ أنهم اقترحُوا أنْ يعود الصفا ذَهَباً ، وأقسموا على ذلك ، فقام النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو في ذلك ، فجاءه جِبْريلُ ، فقال له : إنْ شئْتَ أصْبَحَ ذَهَباً ، فإن لم يؤمنُوا ، هَلَكُوا عَنْ آخرهم معاجلَةً ، كما فعل بالأمم المُقْتَرِحَةِ ، وإن شئْتَ ، أُخِّرُوا حتى يتوبَ تائبهم ، فقال عليه الصلاة والسلام : بل حتَّى يتوبَ تائبهم ، ونزلَتِ الآية .
قال ابنُ العربيِّ : قوله : { جَهْدَ أيمانهم } ، يعني : غاية أيمانهم التي بلغها علمهم ، وانتهت إليها قدرتهم ، انتهى من «الأحكام » .
ثم قال تعالى : قل لهم ، يا محمَّد ، على جهة الردِّ والتخطئةِ : إنما الآياتُ عند اللَّه وليْسَتْ عندي ، فَتُقْتَرَحَ علَيَّ ، ثم قال : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } ، قال مجاهدٌ : وابن زيد : المخاطَبُ بهذا الكفَّار ، وقال الفَرَّاء وغيره : المخاطَبُ بهذا المؤمنون ، { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } معناه : وما يُعْلِمُكم وما يُدْرِيكم ، وقرأ ابن كثير وغيره : ( إنَّهَا ) بكسر الألف ، على القطعِ ، واستئناف الأخبار ، فمن قرأ ( تُؤْمِنُونَ ) بالتاء ، وهي قراءة ابن عامر وحمزة ، استقامت له المخاطبةُ ، أولاً وآخراً ، للكفَّار ، ومن قرأ بالياء ، وهي قراءةُ نافعٍ . وغيره ، فيحتمل أنْ يخاطب ، أولاً وآخراً ، المؤمنين ، ويحتمل أن يخاطب بقوله : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } الكفَّار ، ثم يستأنف الإخبار عنهم للمؤمنين ، وقرأ نافعٌ وغيره : ( أَنَّهَا ) بفتح الألف ، فقيل : إنَّ ( لا ) زائدةٌ في قوله : { لاَ يُؤْمِنُونَ } ، كما زيدَتْ في قوله تعالى : { وَحَرَامٌ على قَرْيَةٍ أهلكناها أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } [ الأنبياء : 95 ] ، ودعا إلى التزامِ هذا حفْظُ المعنى ، لأنها لو لم تكُنْ زائدةً ، لعاد الكلام عذراً للكفَّار ، وفَسَدَ المراد بالآية ، وضَعَّف الزَّجَّاج وغيره زيادةَ ( لا ) ، ومنهم مَنْ جعل { أَنَّهَا } بمعنى لَعَلَّها ، وحكاه سيبَوَيْهِ عن الخليلِ ، وهذا التأويل لا يحتاجُ معه إلى تقديرِ زيادةٍ ، ( لا ) ، وحكى الكسائيُّ : أنه كذلك في مُصْحف أُبَيٍّ ( وَمَا أَدْرَاكُمْ لَعَلَّهَا إذَا جَاءَتْ ) ، ورجَّح أبو عليٍّ أنْ تكون ( لا ) زائدةً ، وبسط شواهده في ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.