النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِن جَآءَتۡهُمۡ ءَايَةٞ لَّيُؤۡمِنُنَّ بِهَاۚ قُلۡ إِنَّمَا ٱلۡأٓيَٰتُ عِندَ ٱللَّهِۖ وَمَا يُشۡعِرُكُمۡ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (109)

قوله عز وجل : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَتْهُمْ ءَايَةٌ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا } هؤلاء قوم من مشركي أهل مكة حلفوا بالله لرسوله صلى الله عليه وسلم لئن جاءتهم آية اقترحوها ليؤمنن بها ، قال ابن جريج : هم المستهزئون .

واختلف في الآية التي اقترحوها على ثلاثة أقاويل :

أحدها : أن تجعل لنا الصفا ذهباً .

والثاني : ما ذكره الله في آخر : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِن نَّخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلاَلَهَا تَفْجِيراً أَوْ تُسِقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَينَا كِسَفَاً } إلى قوله : { كِتَاباً نَقْرؤُهُ }{[939]} فأمر الله نبيه حين أقسموا له أن يقول لهم { قُل إِنَّمَا الآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ } .

والثالث : أنه لما نزل قوله تعالى في الشعراء : { إِن نَّشَا نُنَزِّل عَلَيهِم منَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُم لَهَا خَاضِعِينَ } قال المشركون : أنزلها علينا حتى نؤمن بها إن كنت من الصادقين ، فقال المؤمنون : يا رسول الله أنزلها عليهم ليؤمنوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، قاله الكلبي :

وليس يجب على الله إجابتهم إلى اقتراحهم لا سيما إذا علم أنهم لا يؤمنون بها ، واختلف في وجوبها عليه إذا علم إيمانهم بها على قولين وقد أخبر أنهم لا يؤمنون بقوله : { وَمَا يُشْعُرِكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ } .


[939]:- الآيات من 90 إلى 93 الإسراء.