تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَآءَ ٱلۡمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ لِيُؤۡذَنَ لَهُمۡ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (90)

{ 90 - 93 ْ } { وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ْ }

يقول تعالى : { وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ ْ } أي : جاء الذين تهاونوا ، وقصروا منهم في الخروج لأجل أن يؤذن لهم في ترك الجهاد ، غير مبالين في الاعتذار لجفائهم وعدم حيائهم ، وإتيانهم بسبب ما معهم من الإيمان الضعيف .

وأما الذين كذبوا اللّه ورسوله منهم ، فقعدوا وتركوا الاعتذار بالكلية ، ويحتمل أن معنى قوله : { الْمُعَذِّرُونَ ْ } أي : الذين لهم عذر ، أتوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعذرهم ، ومن عادته أن يعذر من له عذر .

{ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ْ } في دعواهم الإيمان ، المقتضي للخروج ، وعدم عملهم بذلك ، ثم توعدهم بقوله : { سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ْ } في الدنيا والآخرة .

لما ذكر المعتذرين ، وكانوا على قسمين ، قسم معذور في الشرع ، وقسم غير معذور ، ذكر ذلك بقوله :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَآءَ ٱلۡمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ لِيُؤۡذَنَ لَهُمۡ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (90)

( وجاء المعذّرون من الأعراب ليؤذن لهم ، وقعد الذين كذبوا اللّه ورسوله ، سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم ) . .

فأما الأولون فهم ذوو الأعذار الحقيقية فلهم عذرهم إن استأذنوا في التخلف ، وأما الآخرون فقعدوا بلا عذر . قعدوا كاذبين على اللّه والرسول . وهؤلاء ينتظر الذين كفروا منهم عذاب أليم أما الذين يتوبون ولا يكفرون فمسكوت عنهم لعل لهم مصيراً غير هذا المصير .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَجَآءَ ٱلۡمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ لِيُؤۡذَنَ لَهُمۡ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (90)

ثم بَيَّن تعالى حال ذوي الأعذار في ترك الجهاد ، الذين جاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتذرون إليه ، ويبينون له ما هم فيه من الضعف ، وعدم القدرة على الخروج ، وهم من أحياء العرب ممن حول المدينة .

قال الضحاك ، عن ابن عباس : إنه كان يقرأ : " وَجَاءَ المُعْذَرُون " بالتخفيف ، ويقول : هم أهل العذر .

وكذا روى ابن عيينة ، عن حُمَيد ، عن مجاهد سواء .

قال ابن إسحاق : وبلغني أنهم نَفَر من بني غفار منهم : خُفاف بن إيماء بن رَحَضة .

وهذا القول هو الأظهر في معنى الآية ؛ لأنه قال بعد هذا : { وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي : لم يأتوا فيعتذروا .

وقال ابن جُرَيْج عن مجاهد : { وَجَاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الأعْرَابِ } قال : نفر من بني غفار ، جاءوا فاعتذروا فلم يُعذرْهم الله . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، ومحمد بن إسحاق ، والقول الأول أظهر{[13771]} والله أعلم ، لما قدمنا من قوله بعده : { وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ } أي : وقعد آخرون من الأعراب عن المجيء للاعتذار ، ثم أوعدهم بالعذاب الأليم ، فقال : { سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }


[13771]:- في أ : "أولى".