ثم قال تعالى : { وجاء المعذرون من الاعراب ليوذن لهم }[ 90 ] .
والمعنى : { وجاء المعذرون من الاعراب ليوذن لهم } ، في التخلف ، { وقعد } عن الإتيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيعتذروا أو يجاهدوا ، و{ الذين{[29456]} كذبوا الله ورسوله } ، واعتذروا بالباطل بينهم ، لا عند رسول الله عليه السلام{[29457]} .
{ سيصيب الذين كفروا منهم }[ 90 ] .
أي : جحدوا توحيد الله ونبوة نبيه عليه السلام{[29458]} .
وقوله : { المعذرون } ليس من " عذر " ، يقال : " عذر الرجل في الأمر " إذا لم يبالغ فيه ، ولم يُحكمه{[29459]} ، ولم تكن هذه صفة هؤلاء ، بل كانوا أهل اجتهاد في طلب ما ينهضهم مع النبي صلى الله عليه وسلم فوصفهم بأنهم قد اعتذروا أو أعذروا ، أولى من وصفهم بأنهم قد عذّروا{[29460]} فإنما هم المعتذرون{[29461]} ، ثم أدغم{[29462]} .
وقد قرأ ابن عباس : " المعذرون " {[29463]} من : " أعذر " {[29464]} .
ويجوز : " المُعذرون " بضم العين لالتقاء الساكنين ، ( يتبع الضم الضم{[29465]} .
ويجوز : " المُعِذِّرُون " بكسر العين لالتقاء الساكنين ){[29466]}-{[29467]} .
وقد قيل : إن " المُعَذِّر " من " عذر " إذا قصر في الأمر فهم مذمومون على هذا المعنى{[29468]} .
وعلى المعنى الآخر إذا حملته على معنى " المعتذرين " {[29469]} غير مذمومين ، إذا أتوا بعذر واضح{[29470]} .
ويجوز أن يكونوا مذمومين إذا أتوا بعذر غير واضح ، يقال " اعتذر الرجل " : إذا أتى بعذر واضح ، و " اعتذر " : إذا لم يأت بعذر ، قال تعالى : { يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم قل لا تعتذروا } ، فهؤلاء اعتذروا بالباطل ، فهم الذين يعتذرون ولا عذر لهم{[29471]} .
ومنع المبرد أن يكون أصله : " المعتذرين " ثم أدغم لأنه يقع اللبس{[29472]} .
وذكر إسماعيل القاضي : أن سياق الكلام يدل على أنه لا عذر لهم وأنهم مذمومون ، لأنهم جاء/وا{ ليوذن لهم } ، ولو كانوا من الضعفاء والمرضى ، و{[29473]} الذين لا يجدون ما ينفقون لم يحتاجوا إلى أن يستأذنوا{[29474]} .
وقول العرب : " من عَذِيرِي من فلان " ، معناه : قد أتى فلان أمرا عظيما يستحق عليه العقوبة ، ولم يعلم الناس به ، فمن يعذرني إن عاقبته{[29475]} .
قال مجاهد : هم نفر من بني غِفار ، جاءوا فاعتذروا ، فلم يعذرهم الله عز وجل{[29476]} .
وكذلك قال قتادة{[29477]} .
فهذا يدل على أنهم كانوا أهل اعتذار بالباطل لا بالحق ، فلا يوصفون{[29478]} بالإعذار{[29479]} .
وقرأ ابن عباس : " المُعْذرون " بإسكان{[29480]} العين ، وكان يقول : لعن الله المعتذرين{[29481]} ، يذهب إلى أن " المعتذرين " بإسكان العين ، ليس لهم عذر صحيح{[29482]} .
و{ المعذرون } بالتشديد : المفرطون المقصرون ولا عذر لهم{[29483]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.