تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (50)

ولما ذكر تعالى هذه الآيات العيانية المشاهدة وصرفها للعباد ليعرفوه ويشكروه ويذكروه مع ذلك أبي أكثر الخلق إلا كفورا ، لفساد أخلاقهم وطبائعهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (50)

45

وعند هذا المقطع من استعراض المشاهد الكونية يلتفت إلى القرآن النازل من السماء كذلك لتطهير القلوب والأرواح ؛ وكيف يستبشرون بالماء المحيي للأجسام ولا يستبشرون بالقرآن المحيي للأرواح :

ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ، فأبى أكثر الناس إلا كفورا ، ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا . فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا . .

( ولقد صرفناه بينهم ليذكروا ) . . فعرضناه عليهم في صور شتى ، وأساليب متعددة ، ولفتات متنوعة ؛ وخاطبنا به مشاعرهم ومداركهم ، وأرواحهم وأذهانهم . ودخلنا عليهم به من كل باب من أبواب نفوسهم ، وبكل وسيلة تستجيش ضمائرهم . . ( ليذكروا ) . . فما يحتاج الأمر إلى أكثر من التذكر . والحقيقة التي يحاول القرآن ردهم إليها مركوزة في فطرتهم ، أنساهم إياها الهوى الذي اتخذوا منه إلها . . ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) .

ومهمة الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] إذن ضخمة شاقة ، وهو يواجه البشرية كلها وأكثرها أضله الهوى ، وأبى إلا الكفر ودلائل الإيمان حاضرة . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (50)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَرّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذّكّرُواْ فَأَبَىَ أَكْثَرُ النّاسِ إِلاّ كُفُوراً } .

يقول تعالى ذكره : ولقد قسمنا هذا الماء الذي أنزلناه من السماء طهورا لنحيي به الميت من الأرض بين عبادي ، ليتذكروا نعمي عليهم ، ويشكروا أياديّ عندهم وإحساني إليهم ، فأبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كُفُورا يقول : إلا حجودا لنعمي عليهم ، وأياديّ عليهم . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا معتمر بن سليمان ، عن أبيه ، قال : سمعت الحسن بن مسلم يحدّث طاوسا ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس قال : ما عام بأكثر مطرا من عام ، ولكنّ الله يصرّفه بين خلقه قال : ثم قرأ : وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَيْنَهُمْ .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، قال : حدثنا الحسين بن مسلم ، عن سعيد بن جُبير ، قال : قال ابن عباس : ما عام بأكثر مطرا من عام ، ولكنه يصرفه في الأرضين ، ثم تلا وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَيْنَهمْ لِيَذّكّروا .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَيْنَهُمْ قال : المطر ينزله في الأرض ، ولا ينزله في الأرض الأخرى ، قال : فقال عكرِمة : صرفناه بينهم ليذّكروا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَقَدْ صَرّفْناهُ بَيْنَهُمْ لِيَذّكّرُوا قال : المطر مرّة ههنا ، ومرّة ههنا .

حدثنا سعيد بن الربيع الرازي ، قال : حدثنا سفيان بن عيينة ، عن يزيد بن أبي زياد ، أنه سمع أباجحيفة يقول : سمعت عبد الله بن مسعود يقول : ليس عام بأمطر من عامّ ، ولكنه يصرفه ، ثم قال عبد الله : ولقَدْ صَرّفْناهُ بَيْنَهُمْ . وأما قوله : فأبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كفُورا فإن القاسم .

حدثنا قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن عكرِمة فأَبى أكْثَرُ النّاسِ إلاّ كُفَورا قال : قولهم في الأنواء .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (50)

والضمير في { صرفناه } قال ابن عباس ومجاهد هو عائد على الماء المنزل من السماء ، المعنى أن الله تعالى جعل إنزال الماء تذكرة بأن يصرفه عن بعض المواضع إلى بعض المواضع وهذا كله في كل عام بمقدار واحد ، وقاله ابن مسعود ، وقوله على هذا التأويل { فأبى أكثر الناس إلا كفوراً } أي في قولهم بالأنواء والكواكب قاله عكرمة ، وقيل { كفوراً } على الإطلاق لما تركوا التذكر ، وقال ابن عباس الضمير في { صرفناه } للقرآن وإن كان لم يتقدم له ذكر لوضوح الأمر ويعضد ذلك قوله بعد ذلك ، { وجاهدهم به } ، وعلى التأويل الأول الضمير في { به } يراد به القرآن على نحو ما ذكرناه ، وقال ابن زيد يراد به الإِسلام ، وقرأ عكرمة «صرَفنا » بتخفيف الراء ، وقرأ حمزة والكسائي والكوفيون «ليذْكروا » بسكون الذال ، وقرأ الباقون «ليذكّروا » بشد الذال والكاف .