النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا} (50)

قوله تعالى : { وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه الفرقان المذكور في أول السورة .

الثاني : أراد الماء الذي أنزله طهوراً .

وفيه وجهان :

أحدهما : يعني قسمنا المطر فلا يدوم على مكان فيهلك ولا ينقطع عن مكان فيهلك وهو معنى قول قتادة .

الثاني : أنه يصرفه في كل عام من مكان إلى مكان . قال ابن عباس ليس عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه بين عباده .

{ لِيَذَّكَّرُوا } يحتمل وجهين :

أحدهما : ليتذكروا النعمة بنزوله .

الثاني : ليتذكروا النعمة بانقطاعه .

{ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسَ إِلاَّ كُفُوراً } قال عكرمة : هو قولهم مطرنا بالأنواء . روى الربيع بن صبيح قال : أمطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فلما أصبح قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَصْبَحَ النَّاسُ فِيهَا بَيْنَ رَجْلَينِ شَاكِرٍ وَكَافِرٍ ، فَأَمَّا الشَّاكِرُ فَيحْمِدُ اللَّهَ عَلَى سُقْياهُ وَغِيَاثِهِ وَأَمَّا الكَافِرُ فَيقُولُ مطرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا{[2089]} " .


[2089]:رواه البخاري في الاستسقاء، والنسائي في الاستسقاء أيضا، وأحمد في مسنده 1/ 89.