تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63)

{ 63 - 68 } { يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا * إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا }

أي : يستخبرك الناس عن الساعة ، استعجالاً لها ، وبعضهم ، تكذيبًا لوقوعها ، وتعجيزًا للذي أخبر بها . { قُلْ } لهم : { إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ } أي : لا يعلمها إلا اللّه ، فليس لي ، ولا لغيرى بها علم ، ومع هذا ، فلا{[728]}  تستبطؤوها .

{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا } ومجرد مجيء الساعة ، قرباً وبعدًا ، ليس تحته نتيجة ولا فائدة ، وإنما النتيجة والخسار ، والربح ، والشقا{[729]}  والسعادة ، هل يستحق العبد العذاب ، أو يستحق الثواب ؟ فهذه سأخبركم بها ، وأصف لكم مستحقها .


[728]:- كذا في ب، وفي أ: قد.
[729]:- في ب: والشقاوة.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63)

63

( يسألك الناس عن الساعة . قل : إنما علمها عند الله . وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) . .

وقد كانوا ما يفتأون يسألون النبي [ صلى الله عليه وسلم ] عن الساعة التي حدثهم عنها طويلا ؛ وخوفهم بها طويلا ؛ ووصف القرآن مشاهدها حتى لكأن قارئه يراها . يسألونه عن موعدها ؛ ويستعجلون هذا الموعد ؛ ويحمل هذا الاستعجال معنى الشك فيها ، أو التكذيب بها ، أو السخرية منها ، بحسب النفوس السائلة ، وقربها من الإيمان أو بعدها .

والساعة غيب قد اختص به الله سبحانه ، ولم يشأ أن يطلع عليه أحدا من خلقه جميعا ، بما فيهم الرسل والملائكة المقربون . وفي حديث حقيقة الإيمان والإسلام : عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : حدثني أبي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثوب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام . فقال : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال : صدقت ! فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : صدقت ! قال : فأخبرني عن الإحسان . قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة . قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل . . " الخ . ثم قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] " فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم " .

فالمسؤول رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] والسائل - جبريل عليه السلام - كلاهما لا يعلم علم الساعة ( قل : إنما علمها عند الله ) . . على وجه الاختصاص والتفرد من دون عباد الله .

قدر الله هذا لحكمة يعلمها ، نلمح طرفا منها ، في ترك الناس على حذر من أمرها ، وفي توقع دائم لها ، وفي استعداد مستمر لفجأتها . ذلك لمن أراد الله له الخير ، وأودع قلبه التقوى . فأما الذين يغفلون عن الساعة ، ولا يعيشون في كل لحظة على أهبة للقائها ، فأولئك الذين يختانون أنفسهم ، ولا يقونها من النار . وقد بين الله لهم وحذرهم وأنذرهم ، وجعل الساعة غيبا مجهولا متوقعا في أية لحظة من لحظات الليل والنهار : ( وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَسْأَلُكَ النّاسُ عَنِ السّاعَةِ قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } .

يقول تعالى ذكره : يَسْألُكَ النّاسُ يا محمد عَنِ السّاعَةِ متى هي قائمة ؟ قلْ لهم : إنما علم الساعة عنْدَ اللّهِ لا يعلم وقت قيامها غيره وَما يُدْرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبا يقول : وما أشعرك يا محمد لعلّ قيام الساعة يكون منك قريبا ، قد قرب وقت قيامها ، ودنا حين مجيئها .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{يَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63)

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة متى هي فلم يجب في ذلك بشيء ، ونزلت الآية آمرة بأن يرد العلم فيها إلى الله تعالى إذ هي من مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها ، ثم توعد العالم بقربها في قوله { وما يدريك } الآية ، أي فينبغي أن تحذر ، و { قريباً } ظرف لفظه واحد جمعاً ، وإفراداً ، ومذكراً ومؤنثاً ، ولو كان صفة للساعة لكان قريبة .