تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

{ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ } لجميع المخلوقات { الْبَارِئُ } للمبروءات { الْمُصَوِّرُ } للمصورات ، وهذه الأسماء متعلقة بالخلق والتدبير والتقدير ، وأن ذلك كله قد انفرد الله به ، لم يشاركه فيه مشارك .

{ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى } أي : له الأسماء الكثيرة جدا ، التي لا يحصيها ولا يعلمها أحد إلا الله هو ، ومع ذلك ، فكلها حسنى أي : صفات كمال ، بل تدل على أكمل الصفات وأعظمها ، لا نقص في شيء منها بوجه من الوجوه ، ومن حسنها أن الله يحبها ، ويحب من يحبها ، ويحب من عباده أن يدعوه ويسألوه بها .

ومن كماله ، وأن له الأسماء الحسنى ، والصفات العليا ، أن جميع من في السماوات والأرض مفتقرون إليه على الدوام ، يسبحون بحمده ، ويسألونه حوائجهم ، فيعطيهم من فضله وكرمه ما تقتضيه رحمته وحكمته ، { وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } الذي لا يريد شيئا إلا ويكون ، ولا يكون شيئا إلا لحكمة ومصلحة .

تم تفسير سورة الحشر ،

فلله الحمد على ذلك ، والمنة والإحسان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

ثم يبدأ المقطع الأخير في التسبيحة المديدة .

( هو الله ) . . فهي الألوهية الواحدة . وليس غيره بإله .

( الخالق ) . . ( البارئ ) . . والخلق : التصميم والتقدير . والبرء : التنفيذ والإخراج ، فهما صفتان متصلتان والفارق بينهما لطيف دقيق . .

( المصور ) . وهي كذلك صفة مرتبطة بالصفتين قبلها . ومعناها إعطاء الملامح المتميزة والسمات التي تمنح لكل شيء شخصيته الخاصة .

وتوالي هذه الصفات المترابطة اللطيفة الفروق ، يستجيش القلب لمتابعة عملية الخلق والإنشاء والإيجاد والإخراج مرحلة مرحلة - حسب التصور الإنساني - فأما في عالم الحقيقة فليست هناك مراحل ولا خطوات . وما نعرفه عن مدلول هذه الصفات ليس هو حقيقتها المطلقة فهذه لا يعرفها إلا الله . إنما نحن ندرك شيئا من آثارها هو الذي نعرفها به في حدود طاقاتنا الصغيرة !

( له الأسماء الحسنى ) . . الحسنى في ذاتها . بلا حاجة إلى استحسان من الخلق ولا توقف على استحسانهم .

والحسنى التي توحي بالحسن للقلوب وتفيضه عليها . وهي الأسماء التي يتدبرها المؤمن ليصوغ نفسه وفق إيحائها واتجاهها ، إذ يعلم أن الله يحب له أن يتصف بها . وأن يتدرج في مراقيه وهو يتطلع إليها .

وخاتمة هذه التسبيحة المديدة بهذه الأسماء الحسنى ، والسبحة البعيدة مع مدلولاتها الموحية وفي فيوضها العجيبة ، هي مشهد التسبيح لله يشيع في جنبات الوجود ، وينبعث من كل موجود :

يسبح له ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم . .

وهو مشهد يتوقعه القلب بعد ذكر تلك الأسماء ؛ ويشارك فيه مع الأشياء والأحياء . . كما يتلاقى فيه المطلع والختام . في تناسق والتئام .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

القول في تأويل قوله تعالى : { هُوَ اللّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوّرُ لَهُ الأسْمَآءُ الْحُسْنَىَ يُسَبّحُ لَهُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : هو المعبود الخالق ، الذي لا معبود تصلح له العبادة غيره ، ولا خالق سواه ، البارىء الذي برأ الخلق ، فأوجدهم بقدرته ، المصوّر خلقه كيف شاء ، وكيف يشاء .

وقوله : لَهُ الأسْماءُ الْحُسْنَى يقول تعالى ذكره : لله الأسماء الحسنى ، وهي هذه الأسماء التي سمى الله بها نفسه ، التي ذكرها في هاتين الاَيتين يُسَبّحُ لَهُ ما في السّمَوَاتِ والأرْضِ يقول : يسبح له جميع ما في السموات والأرض ، ويسجد له طوعا وكرها وَهُوَ العَزِيزُ يقول : وهو الشديد الانتقام من أعدائه الْحَكِيمُ في تدبيره خلقه ، وصرفهم فيما فيه صلاحهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (24)

و : { البارئ } بمعنى { الخالق } ، برأ الله الخلق أي أوجدهم ، و : { المصور } هو الذي يوجد الصور ، وقرأ علي بن أبي طالب : «المصوَّرَ » بنصب الواو والراء على إعمال { البارئ } به ، وهي حسنة يراد بها الجنس في الصور ، وقال قوم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه إنه قرأ : «المصوَّرِ » بفتح الواو وكسر الراء على قولهم الحسن الوجه ، وقوله تعالى : { له الأسماء الحسنى } أي ذات الحسن في معانيها القائمة بذاته لا إله إلا هو ، وهذه الأسماء هي التي حصرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : «إن لله تعالى تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة »{[11034]} ، وقد ذكرها الترمذي وغيره مسندة ، واختلف في بعضها ولم يصح فيها شيء إلا إحصاؤها دون تعين ، وباقي الآية بين .


[11034]:حديث (إن لله تسعة وتسعين اسما) ذكره الإمام السيوطي في "الجامع الصغير"، عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقال: إنه حديث صحيح، وقد أخرجه الترمذي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في شعب الإيمان- هذا والأسماء مذكورة في مسند الترمذي وغيره مع اختلاف الرواة في بعضها كما قال ابن عطية رحمه الله.