تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَايَةٖ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (132)

وَقَالُوا مبينين لموسى أنهم لا يزالون ، ولا يزولون عن باطلهم : مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ أي : قد تقرر عندنا أنك ساحر ، فمهما جئت بآية ، جزمنا أنها سحر ، فلا نؤمن لك ولا نصدق ، وهذا غاية ما يكون من العناد ، أن يبلغ بالكافرين إلى أن تستوي عندهم الحالات ، سواء نزلت عليهم الآيات أم لم تنزل .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَايَةٖ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (132)

103

ويمضي آل فرعون في عتوهم ، تأخذهم العزة بالإثم ؛ ويزيدهم الابتلاء شماساً وعناداُ :

( وقالوا : مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين ) . .

فهو الجموح الذي لا تروضه تذكرة ؛ ولا يرده برهان ؛ ولا يريد أن ينظر ولا أن يتدبر ، لأنه يعلن الإصرار على التكذيب قبل أن يواجه البرهان - قطعاً للطريق على البرهان ! - وهي حالة نفسية تصيب المتجبرين حين يدمغهم الحق ؛ وتجبههم البينة ، ويطاردهم الدليل . . بينما هواهم ومصلحتهم وملكهم وسلطانهم . . كله في جانب آخر غير جانب الحق والبينة والدليل !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَايَةٖ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (132)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِن آيَةٍ لّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ } . .

يقول تعالى ذكره : وقال آل فرعون لموسى : يا موسى مهما تأتنا به من علامة ودلالة لتسحرنا ، يقول : لتلفتنا بها عما نحن عليه من دين فرعون ، فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ يقول : فما نحن لك في ذلك بمصدّقين على أنك محقّ فيما تدعونا إليه . وقد دللنا فيما مضى على معنى السحر بما أغنى عن إعادته .

وكان ابن زيد يقول في معنى : مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ ما :

حدثني يونس ، قال : قال ابن زيد في قوله : مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ قال : إن ما تأتنا به من آية ، وهذه فيها زيادة «ما » .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَايَةٖ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (132)

{ وقالوا مهما } أصلها ما الشرطية ضمت إليها ما المزيدة للتأكيد ، ثم قلبت ألفها هاء استثقالا للتكرير . وقيل مركبة من مه الذي يصوت به الكاف وما الجزائية ومحلها الرفع على الابتداء أو النصب بفعل يفسره . { تأتنا به } أي أيما شيء تحضرنا تأتنا به . { من آية } بيان لمهما ، وإنما سموها آية على زعم موسى لا لاعتقاهم ولذلك قالوا : { لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين } أي لتسحر بها أعيننا وتشبه علينا ، والضمير في به وبها لمهما ذكره قبل التبيين باعتبار اللفظ وأنه بعده باعتبار المعنى .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَقَالُواْ مَهۡمَا تَأۡتِنَا بِهِۦ مِنۡ ءَايَةٖ لِّتَسۡحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحۡنُ لَكَ بِمُؤۡمِنِينَ} (132)

جملة : { وقالوا } معطوفة على جملة { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين } [ الأعراف : 130 ] الآية ، فهم قابلوا المصائب التي أصابهم الله بها ليذكّروا ، بازدياد الغرور فأيسوا من التذكر بها ، وعاندوا موسى حين تحداهم بها فقالوا : مَهْما تأتنا به من أعمال سحرك العجيبة فما نحن لك بمؤمنين ، أي : فلا تتعب نفسك في السحر .

و { مهما } اسم مضمن معنى الشرط ، لأن أصله ( ما ) الموصولة أو النكرة الدالة على العموم ، فركبّت معها ( ما ) لتصييرها شرطية كما ركبت ( ما ) مع ( أي ) و ( متى ) و ( أيْنَ ) فصارت أسماء شرط ، وجعلت الألف الأولى هاء اسْتثقالاً لتكرير المتجانسين ، ولقرب الهاء من الألف فصارت مهما ، ومعناها : شيء ما ، وهي مبهمة فيؤتى بعدها بمن التبْيينية ، أي : إن تأتنا بشيء من الآيات فما نحن لك بمؤمنين .

و { مهما } في محل رفع بالابتداء ، والتقدير : أيّما شيء تأتينا به ، وخبره الشرط وجوابه ، ويجوز كونها في محل نصب لفعل محذوف يدل عليه { تأتنا به } المذكور . والتقدير : أي شيء تُحضرنا تأتينا به .

وذُكّر ضمير { به } رعياً للفظ { مهما } الذي هو في معنى أي شيء ، وأنّث ضمير { بها } رعياً لوقوعه بعد بيان { مهما } باسم مؤنث هو { آية } .

و { من آية } بيان لإبهام { مهما } .

والآية : العلامة الدالة ، وقد تقدم الكلام عليها عند قوله تعالى : { والذين كفروا وكذبوا بآياتا أولئك أصحاب النار } في سورة البقرة ( 39 ) ، وفي قوله تعالى : { وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه } في سورة الأنعام ( 37 ) .

وسموا ما جاء به موسى آية باعتبار الغرض الذي تحداهم به موسى حين الإتيان بها ، لأن موسى يأتيهم بها استدلالاً على صدق رسالته ، وهم لا يعدونها آية ولكنهم جارَوْا موسى في التسمية بقرينة قولهم { لتسحرنا بها } ، وفي ذلك استهزاء كما حكى الله عن مشركي أهل مكة وقالوا : { يأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } [ الحجر : 6 ] بقرينة قولهم : إنك لمجنون .

وجملة { فما نحن لك بمؤمنين } مفيدة المبالغة في القطع بانتفاء إيمانهم بموسى لأنهم جاءوا في كلامهم بما حوته الجملة الاسمية التي حَكَتْهُ من الدلالة على ثبوت هذا الانتفاء ودوامه . وبما تفيده الباء من توكيد النفي ، وما يفيده تقديم متعلق مؤمنين من اهتمامهم بموسى في تعليق الإيمان به المنفي باسمه .