تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء أي : ما يتبعون في الحقيقة شركاء لله ، فإنه ليس لله شريك أصلا عقلًا ولا نقلاً ، وإنما يتبعون الظن و { إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ْ } فسموها آلهة ، وعبدوها مع الله ، { إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ ْ } .

{ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ْ } وسيجازيهم على ذلك بالعقوبة البليغة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

26

فإذا فرغ من سؤالهم وإجابتهم ، وتقرير الإجابة المفروضة التي تحتمها البديهة وتحتمها المقدمات المسلمة . . عقب على هذا بتقرير واقعهم في النظر والاستدلال والحكم والاعتقاد . فهم لا يستندون إلى يقين فيما يعتقدون أو يعبدون أو يحكمون ، ولا إلى حقائق مدروسة يطمئن إليها العقل والفطرة ، إنما يتعلقون بأوهام وظنون ، يعيشون عليها ويعيشون بها ؛ وهي لا تغني من الحق شيئا .

( وما يتبع أكثرهم إلا ظنا . إن الظن لا يغني من الحق شيئا . إن الله عليم بما يفعلون . . ) .

فهم يظنون أن لله شركاء . ولا يحققون هذا الظن ولا يمتحنونه عملا ولا عقلا . وهم يظنون أن آباءهم ما كانوا ليعبدوا هذه الأصنام لو لم يكن فيها ما يستحق العبادة : ولا يمتحنون هم هذه الخرافة ، ولا يطلقون عقولهم من إسار التقليد الظني . وهم يظنون أن الله لا يوحي إلى رجل منهم ، ولا يحققون لماذا يمتنع هذا على الله . وهم يظنون أن القرآن من عمل محمد ولا يحققون إن كان محمد - وهو بشر - قادرا على تأليف هذا القرآن ، بينما هم لا يقدرون وهم بشر مثله . . وهكذا يعيشون في مجموعة من الظنون لا تحقق لهم من الحق شيئا . والله وحده هو الذي يعلم علم اليقين أفعالهم وأعمالهم . .

( إن الله عليم بما يفعلون ) . .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا يَتّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاّ ظَنّاً إَنّ الظّنّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقّ شَيْئاً إِنّ اللّهَ عَلَيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وما يتبع أكثر هؤلاء المشركين إلا ظنّا ، يقول : إلا ما لا علم لهم بحقيقته وصحته ، بل هم منه في شكّ وريبة . إنّ الظّنّ لا يُغْنِي مِنَ الحَقّ شَيْئا يقول : إن الشكّ لا يغني من اليقين شيئا ، ولا يقوم في شيء مقامه ، ولا ينتفع به حيث يحتاج إلى اليقين . إنّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ يقول تعالى ذكره : إن الله ذو علم بما يفعل هؤلاء المشركون من اتباعهم الظنّ وتكذيبهم الحقّ اليقين ، وهو لهم بالمرصاد ، حيث لا يغني عنهم ظنهم من الله شيئا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

{ وما يتّبع أكثرهم } فيما يعتقدونه . { إلا ظنا } مستندا إلى خيالات فارغة وأقيسة فاسدة كقياس الغائب على الشاهد والخالق على المخلوق بأدنى مشاركة موهومة ، والمراد بالأكثر الجميع أو من ينتمي منهم إلى تمييز ونظر ولا يرضى بالتقليد الصرف . { إن الظن لا يُغني من الحق } من العلم والاعتقاد الحق . { شيئا } من الإغناء ويجوز أن يكون مفعولا به و { من الحق } حالا منه ، وفيه دليل على أن تحصيل العلم في الأصول واجب والاكتفاء بالتقليد والظن غير جائز . { إن الله عليم بما يفعلون } وعيد على اتباعهم للظن وإعراضهم عن البرهان .