السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

وقوله تعالى : { وما يتبع أكثرهم } في تفسيره وجهان الأوّل : وما يتبع أكثرهم في إقرارهم بالله تعالى . { إلا ظناً } لأنه قول غير مستند إلى برهان عندهم بل سمعوه من أسلافهم . الثاني : وما يتبع أكثرهم إلا ظناً في قولهم للأصنام آلهة ، وإنها شفعاء عند الله تعالى إلا الظنّ ، حيث قلدوا فيه آباءهم . قال الرازي : والقول الأول أقوى لأنا في القول الثاني نحتاج إلى تفسير الأكثر بالكل { إنَّ الظنّ لا يغني من الحق } فيما المطلوب فيه العلم { شيئاً } من الإغناء ، فدلت هذه الآية على أنَّ كل من كان ظاناً في مسائل الأصول ، وما كان قاطعاً لا يكون مؤمناً . فإن قيل : فقول أهل السنة : أنا مؤمن إن شاء الله يمنع من القطع فوجب أن يلزمهم الكفر أجاب الرازي : بأنَّ هذا ضعيف من وجوه : الأوّل : أنَّ مذهب الشافعيّ رضي الله تعالى عنه أنَّ الإيمان عبارة عن مجموع الاعتقاد والإقرار والعمل ، فالشك حاصل في أنّ هذه الأعمال هل هي موافقة لأمر الله تعالى والشك في أحد أجزاء الماهية لا يوجب الشك في تمام الماهية . الثاني : أنّ الغرض من قوله إن شاء الله تعالى بقاء الإيمان عند الخاتمة . الثالث : الغرض هضم النفس وكسرها . { إنَّ الله عليم } أي : بالغ العلم { بما يفعلون } أي : من اتباعهم الظنّ ، وتكذيبهم الحق اليقين ، فيجازيهم عليه .