جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{وَمَا يَتَّبِعُ أَكۡثَرُهُمۡ إِلَّا ظَنًّاۚ إِنَّ ٱلظَّنَّ لَا يُغۡنِي مِنَ ٱلۡحَقِّ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِمَا يَفۡعَلُونَ} (36)

{ وما{[2172]} يتبع أكثرهم إلا ظنا } مستندا إلى خيال باطل ووهم زائل والمراد من الأكثر الجميع أو المراد رؤساؤهم فإن السفلة مقلدون ليس لهم ظن أيضا ، { إن الظن لا يعني من الحق شيئا } أي : لا يقوم مقام العلم فالمراد من الحق العلم ، وشيئا مفعول مطلق به ، ومن الحق حال قيل معناه : الظن لا يدفع من عذاب الحق شيئا ، { إن الله عليم بما يفعلون } تهديد ووعيد .


[2172]:أي ما يتبع هؤلاء المشركين في إشراكهم بالله وجعلهم له أندادا إلا مجرد الظن والتخمين والتحدس، ولم يكن ذلك عن بصيرة والتفات إلى فرد من أفراد العلم فضلا عن أن يسلكوا مسالك الأدلة الصحيحة الهادية إلى الحق فيفهموا مضمونها ويقفوا على مقتضاها وبطلان ما يخالفها؛ بل ظن من ظن من سلفهم أن هذه المعبودات تقربهم إلى الله وأنها تشفع لهم ولم يكن لظنهم هذا مستند قط بل مجرد خيال مختل وحدس باطل فقلدوا فيه آباءهم وما أحسن ما فال الرازي في هذه السورة تحت قوله تعالى: "ويقولون هؤلاء شفعاءنا عند الله" (يونس: 18 )، ونظيره في هذا الزمان اشتغال كثير من الخلق بتعظيم قبور الأكابر على اعتقاد أنهم إذا عظموا قبورهم فإنهم يكونون شفعاء لهم عند الله.