تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

ثم حث على النفقة في سبيله ، لأن الجهاد متوقف على النفقة فيه ، وبذل الأموال في التجهز له ، فقال : { مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا } وهي النفقة [ الطيبة ] التي تكون خالصة لوجه الله ، موافقة لمرضاة الله ، من مال حلال طيب ، طيبة به نفسه ، وهذا من كرم الله تعالى [ حيث ] سماه قرضا ، والمال ماله ، والعبد عبده ، ووعد بالمضاعفة عليه أضعافا كثيرة ، وهو الكريم الوهاب ، وتلك المضاعفة محلها وموضعها يوم القيامة ، يوم كل يتبين فقره ، ويحتاج إلى أقل شيء من الجزاء الحسن ، ولذلك قال :

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

ثم مرحلة أخرى في استجاشة القلوب للإيمان والبذل ، ومؤثرات أخرى وراء تلك المؤثرات :

( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم ? يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم . بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها . ذلك هو الفوز العظيم . يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم . قيل : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا . فضرب بينهم بسور له باب ، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . ينادونهم : ألم نكن معكم ? قالوا : بلى ! ولكنكم فتنتم أنفسكم ، وتربصتم ، وارتبتم ، وغرتكم الأماني ، حتى جاء أمر الله ، وغركم بالله الغرور . فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا ، مأواكم النار هي مولاكم ، وبئس المصير ) . .

إنه هتاف موح مؤثر آسر . وهو يقول للعباد الفقراء المحاويج : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ? ) . . ومجرد تصور المسلم أنه هو الفقير الضئيل يقرض ربه ، كفيل بأن يطير به إلى البذل طيرانا ! إن الناس ليتسابقون عادة إلى إقراض الثري المليء منهم - وهم كلهم فقراء - لأن السداد مضمون . ولهم الاعتزاز بأن أقرضوا ذلك الثري المليء ! فكيف إذا كانوا يقرضون الغني الحميد ? !

ولا يكلهم - سبحانه - إلى هذا الشعور وحده ، ولكن يعدهم على القرض الحسن ، الخالص له ، المجرد من كل تلفت إلى سواه . يعدهم عليه الضعف في المقدار ، والأجر الكريم بعد ذلك من عند الله : ( فيضاعفه له ، وله أجر كريم ) .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

القول في تأويل قوله تعالى : { مّن ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : من هذا الذي ينفق في سبيل الله في الدنيا محتسبا في نفقته مبتغيا ما عند الله ، وذلك هو القرض الحسن ، يقول : فيضاعف له ربه قرضه ذلك الذي أقرضه ، بإنفاقه في سبيله ، فيجعل له بالواحدة سبع مئة . وكان بعض نحويّي البصرة يقول في قوله : مَنْ ذَا الّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضا حَسَنا فهو كقول العرب : لي عندك قرض صدق ، وقرض سَوْء إذا فعل به خيرا وأنشد ذلك بيتا للشنفري :

سَنجْزِي سَلامانَ بنَ مُفْرِجَ قَرْضَها *** بِمَا قَدّمَتْ أيْدِيهِمْ فأزَلّتِ

وَلَهُ أجْرٌ كَرِيمٌ يقول : وله ثواب وجزاء كريم ، يعني بذلك الأجر : الجنة ، وقد ذكرنا الرواية عن أهل التأويل في ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (11)

من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا أي من الذي ينفق ماله في سبيله رجاء أن يعوضه فإنه كمن يقرضه وحسن الإنفاق بالإخلاص فيه وتحري أكرم المال وأفضل الجهات له فيضاعفه له أي يعطى أجره أضعافا وله أجر كريم أي وذلك الأجر المضموم إليه الأضعاف كريم في نفسه ينبغي أن يتوخى وإن لم يضاعف فكيف وقد يضاعف أضعافا وقرأ عاصم فيضاعفه بالنصب على جواب الاستفهام باعتبار المعنى فكأنه قال أيقرض الله أحد فيضاعفه له وقرأ ابن كثير فيضعفه مرفوعا وقرأ ابن عامر ويعقوب فيضعفه منصوبا .