{ وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ } :
لما ذكر حال المجرمين ذكر حال المنيبين وثوابهم ، فقال : { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا } والمراد بالطاغوت في هذا الموضع ، عبادة غير اللّه ، فاجتنبوها في عبادتها . وهذا من أحسن الاحتراز من الحكيم العليم ، لأن المدح إنما يتناول المجتنب لها في عبادتها .
{ وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ } بعبادته وإخلاص الدين له ، فانصرفت دواعيهم من عبادة الأصنام إلى عبادة الملك العلام ، ومن الشرك والمعاصي إلى التوحيد والطاعات ، { لَهُمُ الْبُشْرَى } التي لا يقادر قدرها ، ولا يعلم وصفها ، إلا من أكرمهم بها ، وهذا شامل للبشرى في الحياة الدنيا بالثناء الحسن ، والرؤيا الصالحة ، والعناية الربانية من اللّه ، التي يرون في خلالها ، أنه مريد لإكرامهم في الدنيا والآخرة ، ولهم البشرى في الآخرة عند الموت ، وفي القبر ، وفي القيامة ، وخاتمة البشرى ما يبشرهم به الرب الكريم ، من دوام رضوانه وبره وإحسانه وحلول أمانه في الجنة .
والطاغوت : يطلق على كل معبود سوى الله - تعالى - كالشيطان والأصنام وما يشبههما ، مأخوذ من الطغيان ، وهو مجاوزة الحد فى كل شئ . ويستعمل فى الواحد والجمع والمذكور المؤنث .
والاسم الموصول مبتدأ . وجملة { أَن يَعْبُدُوهَا } بدل اشتمال من الطاغوت ، وجملة { لَهُمُ البشرى } هى الخبر .
والمعنى : والذين اجتنبوا عبادة الطاغوت ، وكرهوا عبادة غير الله - تعالى - أيا كان هذا المعبود ، وأقبلوا على الخضوع والخشوع له وحده - عز وجل . أولئك الذين يفعلون ذلك { لَهُمُ البشرى } العظيمة فى حياتهم ، وعند مماتهم ، وحين يقفون بين يديى الله - تعالى - : { فَبَشِّرْ عِبَادِ } أى : فبشر - أيها الرسول الكريم - عبادى الذين هذه مناقبهم ، وتلك صفاتهم . . .
وقوله تعالى : { والذين اجتنبوا الطاغوت } الآية ، قال ابن زيد : إن سبب نزولها زيد بن عمرو بن نفيل وسلمان الفارسي وأبو ذر الغفاري ، والإشارة إليهم ، وقال ابن إسحاق : الإشارة بها إلى عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد والزبير ، وذلك أنه لما أسلم أبو بكر سمعوا ذلك فجاؤوه ، فقالوا أسلمت ؟ قال نعم ، وذكرهم بالله فآمنوا بأجمعهم فنزلت فيهم هذه الآية ، وهي على كل حال عامة في الناس إلى يوم القيامة يتناولهم حكمها . و { الطاغوت } : كل ما يعبد من دون الله . و { الطاغوت } أيضاً : الشيطان ، وبه فسر هنا مجاهد والسدي وابن زيد ، وأوقعه هنا على جماعة الشياطين ، ولذلك أنث الضمير بعد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.