تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

{ 60 - 61 } { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }

يخبر تعالى عن خزي الذين كذبوا عليه ، وأن وجوههم يوم القيامة مسودة كأنها الليل البهيم ، يعرفهم بذلك أهل الموقف ، فالحق أبلج واضح كأنه الصبح ، . فكما سوَّدوا وجه الحق بالكذب ، سود اللّه وجوههم ، جزاء من جنس عملهم .

فلهم سواد الوجوه ، ولهم العذاب الشديد في جهنم ، ولهذا قال : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ } عن الحق ، وعن عبادة ربهم ، المفترين عليه ؟ بلى واللّه ، إن فيها لعقوبة وخزيا وسخطا ، يبلغ من المتكبرين كل مبلغ ، ويؤخذ الحق منهم بها .

والكذب على اللّه يشمل الكذب عليه باتخاذ الشريك والولد والصاحبة ، والإخبار عنه بما لا يليق بجلاله ، أو ادعاء النبوة ، أو القول في شرعه بما لم يقله ، والإخبار بأنه قاله وشرعه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

ثم انتقلت السورة الكريمة إلى الحديث عن أحوال الكافرين والمؤمنين يوم القيامة ، وعن مظاهر قدرة الله - تعالى - وعن تلقين الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم الجواب الذى يرد به على المشركين . وعن أحوال الناس عند النفخ فى الصور . . قال - تعالى - :

{ وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ . . . } .

قوله - : { وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّة . . } بيان لحالة الكافرين يوم القيامة ، ولما تكون عليه هيئتهم من خزى وهوان .

أى : وفى يوم القيامة إذا نظرت - أيها الرسول الكريم - أو - أيها العاقل - إلى وجوه الذين كذبوا على الله ، بأن شركوا معه فى العبادة آلهة أخرى ، أو جعلوا له صاحبة أو ولدا . . إذا نظرت إليها رأيتها مسودة مكفهرة بسبب ما أحاط بهم من عذاب ، وما شاهدوه من أهوال .

وقوله : { وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } جملة من مبتدأ وخبر ، وهى فى محل نصب على الحال من الذين كذبوا . . والاستفهام فى قوله : { أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبِّرِين } للتقرير والمثوى : المكان والمقام .

يقال : ثوى فلان بالمكان وأثوى فيه ، إذا أقام به ، فهو ثاو ومنه قوله - تعالى - :

{ وَمَا كُنتَ ثَاوِياً في أَهْلِ مَدْيَنَ } أى : أليس فى جهنم مكانا ومقرا لإِهانة المتكبرين وإذلالهم ، بسبب تطاولهم على غيرهم ، وتكذيبهم لآيات الله ؟ بلى إن بها ما يجعلهم يذوقون العذاب الأليم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَيَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ تَرَى ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى ٱللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسۡوَدَّةٌۚ أَلَيۡسَ فِي جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡمُتَكَبِّرِينَ} (60)

ثم خاطب تعالى نبيه بخبر يراه يوم القيامة من حالة الكفار ، في ضمن هذا الخبر وعيد بين لمعاصريه .

وقوله : { ترى } هو من رؤية العين ، وكذبهم على الله : هو في أن جعلوا لله البنات والصاحبة ، وشرعوا ما لم يأذن به إلى غير ذلك .

وقوله : { وجوههم مسودة } جملة في موضع الحال{[9924]} ، وظاهر الآية : أن لون وجوههم يتغير ويسود حقيقة ، ويحتمل أن يكون في العبارة تجوز ، وعبر بالسواد عن أن يراد به وجوههم وغالب همهم وظاهر كآبتهم . والمثوى : موضع الثواء والإقامة . والمتكبر : رافع نفسه إلى فوق حقه ، وقال النبي عليه السلام : «الكبر سفه الحق وغمط الناس " أي احتقارهم{[9925]} .


[9924]:هذا على أن[ترى] من رؤية البصر كما قال ابن عطية، أما لو قلنا إنها رؤية القلب كما قدرها بعضهم فالجملة مفعول ثان.
[9925]:أخرجه الإمام أحمد في مسنده(1-399)، ولفظه كاملا، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر)، فقال رجل: يا رسول الله، إني ليعجبني أن يكون ثوبي غسيلا، ورأسي دهينا، وشراك نعلي جديدا، وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه، أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال:(لا، ذاك الجمال، إن الله جميل يحب الجمال، ولكن الكبر من سفه الحق وازدرى الناس).