تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ} (2)

{ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ } والخشوع في الصلاة : هو حضور القلب بين يدي الله تعالى ، مستحضرا لقربه ، فيسكن لذلك قلبه ، وتطمئن نفسه ، وتسكن حركاته ، ويقل التفاته ، متأدبا بين يدي ربه ، مستحضرا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته ، من أول صلاته إلى آخرها ، فتنتفي بذلك الوساوس والأفكار الردية ، وهذا روح الصلاة ، والمقصود منها ، وهو الذي يكتب للعبد ، فالصلاة التي لا خشوع فيها ولا حضور قلب ، وإن كانت مجزئة مثابا عليها ، فإن الثواب على حسب ما يعقل القلب منها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ} (2)

أخرج الإمام أحمد والترمذى والنسائى عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - قال : كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحى ، نسمع عند وجهه كدوى النحل ، فأنزل عليه يوماً ، فمكثنا ساعة فسرى عنه ، فاستقبل القبلة ، فرفع يديه فقال : " اللهم زدنا ولا تنقصنا ، وأكرمنا ولا تهنا ، وأعطنا ولا تحرمنا ، وآثرنا ولا تؤثر علينا ، وارض عنا وأرضنا " .

ثم قال : لقد أنزلت على عشر آيات ، من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ : { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون } إلى قوله : { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } .

وأخرج النسائى عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة : يا أم المؤمنين ، كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : كان خلقه القرآن ، ثم قرأت : { قَدْ أَفْلَحَ المؤمنون } حتى انتهت إلى قوله - تعالى - : { والذين هُمْ على صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ } وقالت : هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم .

والفلاح : الظفر بالمراد ، وإدراك المأمول من الخير والبر مع البقاء فيه .

والخشوع : السكون والطمأنينة ، ومعناه شرعاً : خشية فى القلب من الله - تعالى - تظهر آثارها على الجوارح فتجعلها ساكنة مستشعرة أنها واقفة بين يدى الله - سبحانه - .

والمعنى : قد فاز وظفر بالمطلوب ، أولئك المؤمنون الصادقون ، الذين من صفاتهم أنهم فى صلاتهم خاشعون ، بحيث لا يشغلهم شىء وهم فى الصلاة عن مناجاة ربهم ، وعن أدائها بأسمى درجات التذلل والطاعة .

ومن مظاهر الخشوع : أن ينظر المصلى وهو قائم إلى موضع سجوده ، وأن يتحلى بالسكون والطمأنينة ، وأن يترك كل ما يخل بخشوعها كالعبث بالثياب أو بشىء من جسده ، فقد أبصر النبى صلى الله عليه وسلم رجلاً يعبث بلحيته فى الصلاة فقال : " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه " .

قال القرطبى : " اختلف الناس فى الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو مكملاتها على قولين ، والصحيح الأول ومحلق القلب ، وهو أول عمل يرفع من الناس . . . " .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ} (2)

{ الذين هم في صلاتهم خاشعون } خائفون من الله سبحانه وتعالى متذللون له ملزمون أبصارهم مساجدهم . روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي رافعا بصره إلى السماء ، فلما نزلت رمى ببصره نحو مسجده وأنه رأى رجلا يعبث بلحيته فقال : " لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه " .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ} (2)

ثم وصف تعالى هؤلاء المفلحين فقال { الذين هم في صلاتهم خاشعون } والخشوع التطامن وسكون الأعضاء والوقار ، وهذا إنما يظهر ممن في قلبه خوف واستكانة ، وروي عن بعض العلماء أنه رأى رجلاً يعبث بلحيته في الصلاة فقال : لو خشع هذا خشعت جوارحه{[8452]} ، وروي أن سبب هذه الآية أن المسلمين كانوا يلتفتون في صلاتهم يمنة ويسرة فنزلت هذه الآية وأمروا أن يكون بصر المصلي حذاء قبلته أو بين يديه ، وفي الحرم إلى الكعبة ، وروي عن ابن سيرين وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلتفت في صلاته إلى السماء فنزلت الآية في ذلك{[8453]} .


[8452]:أخرجه الحكيم الترمذي، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا يعبث بلحيته في صلاته فقال: (لو خشع هذا خشعت جوارحه).
[8453]:أخرجه سعيد بن منصور، وابن جرير، والبيهقي في سننه. (الدر المنثور). وفي القرطبي أن المعتمد رواه عن خالد، عن ابن سيرين.