التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ} (2)

وذلك قوله : { الذين هم في صلاتهم خاشعون } أي خائفون ساكنون مطمئنون ، والخشوع محله القلب . فشأن المؤمن أن يكون موصول القلب بالله ، وأن يكون واثقا مستيقنا من جلال الله وعظيم سلطانه وجبروته . لا جرم أن قلب المؤمن دائم الخوف من الله لتخشع بذلك جوارحه فلا تدنسها المعاصي والآثام ؛ بل تجنح للطاعات والعبادات وفعل الصالحات .

والخشوع في الصلاة إنما يتحصل للمؤمن باجتهاده في استجماع قلبه كيما ينشغل بالصلاة عما سواها من مشكلات الحياة الدنيا . والصلاة في الحقيقة لهي وقت للاسترواح النفسي والروحي للمؤمن المذكر ، وهو يجد فيها لنفسه قرة عين ، وفي ذلك روى الإمام أحمد عن أنس عن رسول الله ( ص ) أنه قال : " حبّب إلي الطيبُ والنساء ، وجُعلت قرة عيني في الصلاة " . وروى أحمد أيضا بسنده عن سالم بن أبي الجعد عن رجل من أسلم أن رسول الله ( ص ) قال : " يا بلال ، أرحنا بالصلاة " . ومن أوجه الخشوع في الصلاة : السكون فيها والتذلل ؛ وترك الالتفات والحركة ، والخوف من الله . ومن الخشوع في الصلاة أيضا : أن يضع المصلي بصره في موضع سجوده ؛ فإنه أحضر لقلبه وأجمع لفكره . وهو قول الشافعي . وقال مالك : إنما ينظر أمامه ولا يرفع بصره إلى السماء في الصلاة .