فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ} (2)

ثم وصف هؤلاء المؤمنين بقوله : { الذين هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خاشعون } وما عطف عليه . والخشوع منهم من جعله من أفعال القلوب كالخوف والرهبة ، ومنهم من جعله من أفعال الجوارح كالسكون وترك الالتفات والعبث ، وهو في اللغة السكون والتواضع والخوف والتذلل .

وقد اختلف الناس في الخشوع هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ؟ على قولين : قيل : الصحيح الأوّل ، وقيل : الثاني . وادّعى عبد الواحد بن زيد إجماع العلماء على أنه ليس للعبد إلا ما عقل من صلاته ، حكاه النيسابوري في تفسيره . قال : ومما يدل على صحة هذا القول قوله تعالى : { أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرآن } [ محمد : 24 ] . والتدبر لا يتصوّر بدون الوقوف على المعنى ، وكذا قوله : { أَقِمِ الصلاة لِذِكْرِي } [ طه : 14 ] . والغفلة تضادّ الذكر ، ولهذا قال : { وَلاَ تَكُنْ منَ الغافلين } [ الأعراف : 205 ] . وقوله : { حتى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } [ النساء : 43 ] . نهي للسكران والمستغرق في هموم الدنيا بمنزلته .

/خ11