أي : قل لهم يا محمد { إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ } أي : مكة المكرمة التي حرمها وأنعم على أهلها فيجب أن يقابلوا ذلك بالشكر والقبول . { وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ } من العلويات والسفليات أتى به لئلا يتوهم اختصاص ربوبيته بالبيت وحده . { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ } {[598]} أي : أبادر إلى الإسلام ، وقد فعل صلى الله عليه وسلم فإنه أول هذه الأمة إسلاما وأعظمها استسلاما .
ثم يأمر الله - تعالى - نبيه أن يعلن للناس منهجه فى دعوته فيقول : { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ البلدة الذي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ . . } .
والمراد بالبلدة الذى حرمها : مكة المكرمة التى عظم الله - تعالى - حرمتها ، فجعلها حرما آمنا ، لا يسفك فيها دم ، ولا يصاد فيها صدم ، ولا يعضد فيها شجر . وقوله : { الذي حَرَّمَهَا } صفة للرب .
وخصت مكة بالذكر : تشريفا لها ، ففيها البيت الحرام الذى هو أول بيت وضع فى الأرض .
أى : قل - أيها الرسول الكريم - للناس : إن الله - تعالى - أمرنى أن أخلص لله - سبحانه - عبادتى ، فهو رب البلد الحرام مكة ، ورب كل شىء ، وله جميع ما فى هذا الكون خلقا ، وملكا ، وتصرفا .
{ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين وَأَنْ أَتْلُوَ القرآن } أى : وأمرنى كذلك أن أكون من الثابتين على دينه ، المنقادين لأمره ، المسلمين له وجوههم ،
{ إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها } أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول لهم ذلك بعدما بين المبدأ والمعاد وشرح أحوال القيامة ، وإشعار بأنه قد أتم الدعوة وقد كملت وما عليه بعد إلا الاشتغال بشأنه والاستغراق في عبادة ربه ، وتخصيص مكة بهذه الإضافة تشريف لها وتعظيم لشأنها وقرئ " التي حرمها " . { وله كل شيء } خلقا وملكا . { وأمرت أن أكون من المسلمين } المنقادين أو الثابتين على ملة الإسلام .
وقوله { إنما أمرت } بمعنى قل يا محمد لقومك { إنما أمرت } ، و { البلدة } المشار إليها مكة ، وقرأ جمهور الناس » الذي حرمها « ، وقرأ ابن عباس وابن مسعود » التي حرمها «وأضاف في هذه الآية التحريم إلى الله تعالى من حيث ذلك بقضائه وسابق علمه وأضافه النبي صلى الله عليه وسلم إلى إبراهيم في قوله
«إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة »{[9095]} ، من حيث كان ظهور ذلك بدعائه ورغبته وتبليغه لأمته فليس بين الآية والحديث تعارض ، وفي قوله { حرمها } تعديد نعمته على قريش في رفع الله تعالى عن بلدهم الغارات والفتن الشائعة في جميع بلاد العرب ، وقوله { وله كل شيء } معناه بالملك والعبودية ، وقرأ جمهور الناس «أن أتلو » عطفاً على قوله { أن أكون } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.