اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡءٖۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (91)

قوله : «إِنَّمَا أُمِرْتُ » أي : قل يا محمد إنما أمرت ( أي : أمرت ){[39607]} أن أخص الله وحده بالعبادة ، ثم إنه تعالى وصف نفسه بأمرين :

أحدهما : أنه رب هذه البلدة ، والمراد مكة ، وإنما خصها من بين سائر البلاد بإضافة اسمه إليها لأنها أحب بلاده إليه وأكرمها عليه ، وأشار إليها إشارة تعظيم لها دالاً على أنها وطن نبيه ومهبط وحيه{[39608]} .

قوله : «الَّذِي حَرَّمَهَا » هذه قراءة الجمهور صفة للربِّ ، وابن مسعود وابن عباس «الَّتِي » صفة للبلدة{[39609]} ، والسياق إنما هو للرب لا للبلدة ، فلذلك{[39610]} كانت قراءة{[39611]} العامة واضحة . والمعنى : جعلها الله حرماً آمناً لا سفك فيها دم{[39612]} ، ولا يظلم فيها أحد{[39613]} ، ولا يصطاد صيدها ولا يختلأ خلاؤها ، وله كل شيء خلقاً وملكاً ، وإنما ذكر ذلك لأن العرب كانوا معترفين{[39614]} بكون مكة محرمة ، وعلموا أن تلك الفضيلة ليست من الأصنام بل من الله فكأنه قال : لما علمت وعلمتهم أنه سبحانه هو المتولي{[39615]} لهذه النعم وجب عليّ أن أخصه بالعبادات ، و { أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين } لله{[39616]} .


[39607]:ما بين القوسين سقط من ب.
[39608]:انظر الفخر الرازي 24/222.
[39609]:انظر المختصر (111)، التبيان 2/1015، البحر المحيط 7/102.
[39610]:في ب: فلهذا.
[39611]:قراءة: سقط من الأصل.
[39612]:في ب: دماً.
[39613]:في ب: أحداً.
[39614]:في ب: بمعترفين.
[39615]:في ب: الولي.
[39616]:انظر الفخر الرازي 24/222.