فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّمَآ أُمِرۡتُ أَنۡ أَعۡبُدَ رَبَّ هَٰذِهِ ٱلۡبَلۡدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُۥ كُلُّ شَيۡءٖۖ وَأُمِرۡتُ أَنۡ أَكُونَ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ} (91)

{ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبّ هَذِهِ البلدة الذي حَرَّمَهَا } لما فرغ سبحانه من بيان أحوال المبدأ ، والمعاد أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقول لهم هذه المقالة ، أي قل يا محمد إنما أمرت أن أخص الله بالعبادة وحده لا شريك له ، والمراد بالبلدة : مكة ، وإنما خصها من بين سائر البلاد لكون فيها بيت الله الحرام ، ولكونها أحبّ البلاد إلى رسوله ، والموصول صفة للربّ ، وهكذا قرأ الجمهور . وقرأ ابن عباس وابن مسعود : { التي حرّمها } على أن الموصول صفة للبلدة ، ومعنى { حَرَّمَهَا } جعلها حرماً آمناً لا يسفك فيها دم ، ولا يظلم فيها أحد ، ولا يصطاد صيدها ، ولا يختلى خلالها { وَلَهُ كُلُّ شَيء } من الأشياء خلقاً وملكاً وتصرّفاً ، أي ولله كل شيء { وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ المسلمين } أي المنقادين لأمر الله المستسلمين له بالطاعة ، وامتثال أمره ، واجتناب نهيه . والمراد بقوله { أَنْ أَكُونَ } أن أثبت على ما أنا عليه .

/خ93