تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦٓ إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ} (107)

{ قُلْ } لمن كذب به وأعرض عنه : { آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا } فليس لله حاجة فيكم ، ولستم بضاريه شيئًا ، وإنما ضرر ذلك عليكم ، فإن لله عبادًا غيركم ، وهم الذين آتاهم الله العلم النافع : { إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا } أي : يتأثرون به غاية التأثر ، ويخضعون له .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦٓ إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ} (107)

ثم أمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يخاطب المشركين بما يدل على هوان شأنهم . وعلى عدم المبالاة بهم ، فقال - تعالى - : { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً . . . } .

أى : قل - أيها الرسول الكريم - لهؤلاء الجاهلين . الذين طلبوا منك ما هو خارج عن رسالتك ، والذين وصفوا القرآن بأنه أساطير الأولين : قل لهم : آمنوا بهذا القرآن أو لا تؤمنوا به ، لأن إيمانكم به ، لا يزيده كمالاً ، وعدم إيمانكم به لا ينقص من شأنه شيئًا ، فإن علماء أهل الكتاب الذين آتاهم الله العلم قبل نزول هذا القرآن ، وميزوا بين الحق والباطل ، كانوا إذا تلى عليهم هذا القرآن ، - كأمثال عبد الله بن سلام وأصحابه { يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } أى : يسقطون على وجوههم ساجدين لله - تعالى - شكرًا له على إنجاز وعده ، بإرسالك - أيها الرسول الكريم - وبإنزال القرآن عليك ، كما وعد بذلك - سبحانه - فى كتبه السابقة .

فالجملة الكريمة : { إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم . . } تعليل لعدم المبالاة بهؤلاء المشركين الجاهلين ، والضمير فى قوله : { من قبله } يعود إلى القرآن الكريم .

وقوله : { يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } يدل على قوة إيمانهم ، وعلى سرعة تأثرهم بهذا القرآن ، فهم بمجرد تلاوته عليهم ، يسقطون على وجوههم ساجدين لله - تعالى - .

وخصت الأذقان بالذكر ، لأن الذقن أول جزء من الوجه يقرب من الأرض عند السجود ، ولأن ذلك يدل على نهاية خضوعهم لله - تعالى - وتأثرهم بسماع القرآن الكريم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قُلۡ ءَامِنُواْ بِهِۦٓ أَوۡ لَا تُؤۡمِنُوٓاْۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ مِن قَبۡلِهِۦٓ إِذَا يُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ يَخِرُّونَۤ لِلۡأَذۡقَانِۤ سُجَّدٗاۤ} (107)

{ قل آمنوا به أو لا تؤمنوا } فإن إيمانكم بالقرآن لا يزيده كمالا وامتناعكم عنه لا يورثه نقصا وقوله : { إن الذين أوتوا العلم من قبله } تعليل له أي أن لم تؤمنوا به فقد آمن به من هو خير منكم وهم العلماء الذين قرؤوا الكتب السابقة وعرفوا حقيقة الوحي وأمارات النبوة ، وتمكنوا من الميز بين المحق والمبطل ، أو رأوا نعتك وصفة ما أنزل إليك في تلك الكتب ، ويجوز أن يكون تعليلا ل { قل } على سبيل التسلية كأنه قيل : تسل بإيمان العلماء عن إيمان الجهلة ولا تكترث بإيمانهم وإعراضهم . { إذا يُتلى عليهم } القرآن . { يخرّون للأذقان سجّداً } يسقطون على وجوههم تعظيما لأمر الله أو شكرا لإنجاز وعده في تلك الكتب ببعثه محمد صلى الله عليه وسلم على فترة من الرسل وإنزال القرآن عليه .