قوله : { قُلْ آمِنُواْ بِهِ أَوْ لاَ تؤمنوا } : يخاطب الذين اقترحوا تلك المعجزات العظيمة ؛ على وجه التَّهديد والإنكار ، أي : أنَّه تعالى ، أوضح البينات والدلائل ، وأزاح الأعذار ، فاختاروا ما تريدون .
{ إِنَّ الذين أُوتُواْ العلم مِن قَبْلِهِ } أي : من قبل نزول القرآن ، قال مجاهد{[20757]} : هم ناسٌ من أهل الكتاب ، كانوا يطلبون الدِّين قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ثمَّ أسلموا بعد مبعثه ؛ كزيد بن عمرو بن نفيلٍ ، وسلمان الفارسيِّ ، وأبي ذرٍّ ، وورقة بن نوفلٍ ، وغيرهم .
{ إِذَا يتلى عَلَيْهِمْ } يعني القرآن .
{ يَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ سُجَّداً } . يعني : يسقطون للأذقان ، قال ابن عباس : أراد به الوجوه{[20758]} .
قوله : { لِلأَذْقَانِ } : في اللام ثلاثة أوجه :
أحدها : أنها بمعنى " على " ، أي : على الأذقان ؛ كقولهم : خرَّ على وجهه .
والثاني : أنها للاختصاص ، قال الزمخشري : فإن قيل : حرف الاستعلاءِ ظاهر المعنى ، إذا قلت : خرَّ على وجهه ، وعلى ذقنه ، فما معنى اللام في " خرَّ لذقنه ، ولوجهه " ؟ قال : [ الطويل ]
. . . . . . . . . . . . . . . . *** فَخرَّ صَرِيعاً للْيَديْنِ وللْفَمِ{[20759]}
قلت : معناه : جعل ذقنهُ ، ووجههُ [ للخرور ] ، قال الزجاج : الذَّقنُ : مجمع اللَّحيين ، وكلما يبتدئ الإنسان بالخرور إلى السجود ، فأقرب الأشياء من الجبهة إلى الأرض الذَّقنُ .
وقيل : الأذقان اللِّحى ؛ فإن الإنسان ، إذا بالغ في السجود ، والخضوع ، ربَّما مسح ليحتهُ على التُّراب ؛ فإنَّ اللحية يبالغ في تنظيفها ، فإذا عفَّرها بالتُّراب ، فقد أتى بغايةِ التعظيم [ للخُرور ]{[20760]} .
واختصَّ به ؛ لأنَّ اللام للاختصاص ، وقال أبو البقاء{[20761]} : " والثاني : هي متعلقة ب " يَخِرُّون " ، واللام على بابها ، أي : مذلُّون للأذقان " .
والأذقانُ : جمعُ ذقنٍ ، وهو مجمعُ اللَّحيين ؛ قال الشاعر : [ الطويل ]
فَخرُّوا لأذقَانِ الوُجوهِ تَنُوشُهمْ *** سِباعٌ من الطَّيْرِ العَوادِي وتَنتِفُ{[20762]}
و " سُجَّداً " حال ، وجوَّز أبو البقاء{[20763]} في " للأذقانِ " أن يكون حالاً ، قال : " أي : ساجدين للأذقان " وكأنه يعني به " للأذْقانِ " الثانية ؛ لأنَّه يصير المعنى : ساجدين للأذقان سجداً ؛ ولذلك قال : " والثالث : أنها - يعني اللام - [ بمعنى ] " على " ؛ فعلى هذا يكون حالاً من " يَبْكُونَ " ، و " يَبْكُون " حال " .
فإن قيل : لم قيل : يَخرُّون للأذقان سجداً ، ولم يقل يسجدون ؟
والجواب : أن المقصود من هذا اللفظ مسارعتهم إلى ذلك ؛ حتَّى أنهم يسقطون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.